لم أعد أتذكّر صورتي بوضوح؛
فآخر مرّة التقيتُ فيها بنفسي
كانت منذ زمنٍ طويل.
ومنذ ذاك الوقت،
وأنا أرى نفسي بين العابرين،
جالسًا على رصيف الاغتراب،
أتناول رغيف الصدمات اليابس،
قضمةً تلو أخرى،
وأشرب عصير الصبر
جرعةً بعد جرعة.
ومنذ ذاك الوقت،
أرى وجهي بلا ملامح:
في جدران العمارات الهشّة،
في زجاج المحلّات القديمة،
على طاولات المقاهي عند انعكاسها،
وفي عيني الشيخ العجوز
الجالس عند نهاية الشارع.
ومنذ ذاك الوقت،
وأنا أخيط جروحي بيدي،
أكتب القصائدَ تارة،
وأقرؤها تارة أخرى،
لعلّي أهوّن عليّ آثار فقداني.
ومنذ ذاك الوقت،
وإلى يومنا هذا،
وأنا أُنقّب عنّي
في سطرٍ من ديوان شعري،
أو في إحدى روايات دوستويفسكي البائسة.
ومنذ ذاك الوقت،
وأنا أحاول احتراف الكتابة
علّني أصل إلى نفسي عبرها،
في إحدى المجازات…
وما زلتُ أأمل.









































