السفير فوزي العشماوي مواطننا من ميت الخولي محافظة دمياط كان سفيرا لمصر في كثير من دول العالم وقد التحق بالعمل فى السلك الدبلوماسى عام 1981 بدءا من روما ثم الكويت والأردن ونيرمار في جنوب شرق أسيا، ثم كندا والمملكة العربية السعودية كقنصل عام هناك وأخيرا رشح لمنصب السفير المصرى المقيم فى موزمبيق وغير مقيم فى سوايزيلاند. له كتابات كثيرة عبارة عن سياحة بين مؤلفات وكتابات كتاب عالميين وآخر كتاباته كانت عن رجل ياباني اسمه نوبواكي نوتوهارا أصدر كتابا بعنوان ( العرب من وجهة نظر يابانية ) بعد حياة طويلة عاشها في بلاد العرب زهاء أربعون عاما يجالسهم في المقاهي ويزور قراهم ومدنهم ويراقب حياتهم في الشوارع والجامعات والإدارات ؛
كتب عنهم بصدق ودهشة لا بحقد ولا بغرض وقد لخّص نوتوهارا في الكتاب انطباعاته الصادقة ودهشته من هذا المزيج الغريب بين الإيمان العميق والفساد العميق! وكشف فيه عن تناقضات جوهرية نعيشها يوميًا :وقد تحدث العشماوي فيما كتب عن التناقضات التي رصدها الياباني في حياة أمة العرب عموما ومنها الناقض بين الدين والأخلاق وبين هدم القيام حيث لاحظ أول ما لاحظ أن العربي يرفع شعار الدين في كل حديثه ولكنه يدهس القيم عند أول امتحان ! وهو يصلي في المسجد و يلعن الظلم في خطبة الجمعة ولكنه يمارسه في أول فرصة عمل !ويتعجب نوتوهارا كيف يمكن لشعوبٍ تمجد الدين ليل نهار أن تفسد بهذه الجرأة ! وفي جملة واحدة اختصرت مأساة حضارة بكاملها ..
- هناك اعتقاد لدى العرب بأن الدين أعطى كل العلم، مما جعل العرب يكتفون باستعادة حقائق الماضي بينما المجتمعات المتقدمة تُضيف حقائق جديدة. فيقول نوتوهارا :
"مشكلة العرب أنهم يعتقدون أن الدين أعطاهم كل العلم ! عرفت شخصا لمدة عشرين عاما، ولم يكن يقرأ إلا القرآن. بقي هو ذاته، ولم يتغير" ويقول عن مواطنيه في اليابان أنهم يضيفون حقائق جديدة كل يوم
أما العربي، فيكتفي بإعادة تكرار ما اكتشفه أجداده من حقائق قبل ألف عام"! دون أن يحاول أن يضيف لها حقائق جديدة من إبداعه هو ولاحظ نوتوهارا أن سلوك الإنسان العربي محكوم دائماً بمفهومي الحلال والحرام وليس بمفهوم الصواب و الخطأ وكذلك مفهوم الشرف والعار يسيطران على مفهوم الثقة في مجالات واسعة من الحياة.
ويقول في كتابه :"لكي نفهم سلوك الإنسان العربي العادي علينا أن ننتبه دوما لمفهومي الحلال والحرام" ومما لاحظه أيضا في بلاد العرب أن الزعماء يتنازعون على الكرسي باسم الوطن والناس تتناحر على الفتات باسم الشرف..ويتعجب "نوتوهارا" أيضا كيف أن الحاكم في بلاد العرب يُقدَّس كأنه إله وأن الكاتب لا يكتب ليقول الحقيقة بل ليُمجّد السلطة!
"نوبواكي نوتوهارا" لم يفهم كيف يمكن للكاتب أن يمدح السلطة وهو يقرأ عن الحرية !فيقول بإستغراب :عقولنا في اليابان عاجزة عن فهم أن يمدح الكاتب السلطة أو أحد أفراد السلطة. هذا غير موجود لدينا على الإطلاق. نحن نستغرب ظاهرة مديح الحاكم كما نستغرب رفع صوره في أوضاع مختلفة كأنه نجم سينمائي. باختصار، نحن لا نفهم علاقة الكُتّاب العرب بحكوماتهم"
- القمع يبدأ في البيت : الرجل العربي في بيته فرعون وفي الشارع تابعٌ ذليل! ..
يصرخ على أبنائه ولكنه يهمس في وجه حكامه ومرؤوسيه! يعيش بين صورتين متناقضتين من الزيف تتنازعان عقله وقلبه. ويضيف أن الرجل العربي في البيت يلح على تعظيم قيمته، ورفعها إلى السيطرة والزعامة. وفي الحياة العامة يتصرف وفق ميزاته وقدراته ونوع عمله. هذان الشكلان المتناقضان ينتج عنهما غالبا أنواع شتى من الرياء والخداع والنفاق" ..
وعن انعدام المسؤولية عند العربي يراه يدمّر الممتلكات العامة وهو يضحك لأنه يظنها ممتلكات الحكومة لا ممتلكاته الخاصة!. كما أنهم يضحون بالشرفاء والمصلحون الذين ضحوا من أجلهم
يقول نوتوهارا :
"سجناء الرأي والسياسة في البلاد العربية ضحوا من أجل الشعب ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الشجعان"
وقد لاحظ نوتوهارا أن الشعوب العربية متوترة للغاية و تبدوا عليها ملامح العدوانية وهي سمة عامة وكأن الناس خرجوا من معركة لم تنتهِ بعد! ويضيف أن "الشعور بالإختناق والتوتر سمة عامة للمجتمعات العربية. توتر شديد ونظرات عدوانية تملأ الشوارع"
ومما لاحظه أيضا أن : "المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد على غرار الحاكم الواحد لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أفكارهم وملابسهم"
ثم يتساءل الياباني بدهشة : "أستغرب لماذا تُستعمل كلمة ديمقراطية كثيراً عند العرب!"
ويقول أيضا :
"العرب من أكثر الشعوب التي مورست عليهم العنصرية، ومع هذا فقد شعرت عميقا أنهم يمارسونها ضد بعضهم البعض"
خلاصة صادمة ينتهي نوتوهارا في كتابه إلي أنه يري الحكومات لا تعامل الناس بجدية بل تسخر منهم وتضحك عليهم. ورغم كل هذا النقد القاسي يرى اليابانيون أن ضيافة العرب فريدة!
يقول نوتوهارا في النهاية :
"العرب طيبون... لكنهم يعيشون في أنظمة تقتل فيهم الطيبة"





































