فى بيت عتيق يلمع فيه دفء السنين
كانت العائلة الكبيرة تعيش تحت سقف واحد ضحكات تتعانق مع أصوات الأوانى
وأطفال يركضون بين الغرف كأن البيت حديقة لا تنتهى
وسط هذا الزحام الجميل ولدت حكاية حب خجولة بين ليلى وعمر
شابين جمعتهما النظرات قبل الكلمات والقلوب قبل الأقدار
لكن خلف الأبواب كانت تدور حكايات أخرى… غيرة مكتومة بين الأمهات
شحنات صغيرة تكبر مثل شرارة فى قش جاف تشعل خلافات لا يراها إلا من يعيشون في قلب البيت
فالغيرة فرقت بين الإخوة
وحولت البراءة لمسافات حتى صار كل طرف يخاف أن يقترب كي لا يلام أو يتهم
كبرت البنات…
وتزوجن واحدا تلو الآخر وخرجت الزغاريد من داخل البيت
بينما ظل عمر يقف على الأطلال ينظر إلى ليلى من بعيد
لم يتزوجا… لم يجتمعا… لأن غيرة الأمهات كانت أقوى من قلبيهما
وأكثر حضورا من أحلامهما الصغيرة التي رسموها تحت نور القمر
مرت السنين وتغير شكل البيت
سافر بعض الأبناء
وتزوج آخرون
وبقي الجد والجدة شاهدين على كل شيء: على الحب الذي وئد
وعلى الغدر الذى انحنى على القلوب فكسرها وعلى محاولات الصلح التى جاءت متأخرة لكنها حملت شيئا من الندم الحلو
وفي كل تجمع عائلي في فرح أو عيد أو عزومة كبيرة كانت الذكريات تعود مثل ضيف يعرف طريقه
تلتقي النساء في المطبخ وكل واحدة تحمل في قلبها رواية
وكلما اشتعلت ذكريات الماضي
ظهرت نفس النظرات القديمة… نظرات تحمل عتابا
وغيرة
وحزنا لا يقال
أما ليلى وعمر
فقد صارا قصة يهمس بها في المجالس…
قصة حب
جميلة وهادئة
لم تكتمل
لكنها بقيت أنقى من كل ما حدث بعدها
قصة تذكر الجميع بأن البيوت لا تهدمها الأيام بل تهدمها القلوب التي تغذي الغيرة بدل المحبة
وتنسى أن العمر قصير… وأن الحب لو ضاع مرة
لا يعود كما كان






































