بمناسبة المراسم الدينية لتتويج ملك بريطانيا ... و قسمه بالدفاع عن المذهب البروتستانتي .. 

كنت في بلد من بلاد يوغوسلافيا السابقه - و التي تفككت حتي الان الي سبع دول - .. بلد جميل خلاب يسمي مونتينيجرو .. او الجبل الاسود .. 

كان لي مدرسان .. . عقيدان مهندسان في البحرية "المونتينيجريه " .. احدهما أرثوذكسي مثل معظم اهل البلقان .. و الثاني كاثوليكي و هم قلة في شرق اوروبا .. .. ، و في اثناء جولة وديه في مدينة "هيرسيجنوفي" الساحلية .. اخبراني ان هناك فروقا بين شكل الكنيسه الارثوذكسيه و الكنيسه الكاثولوكية .. و كانت المدينة تعج بالكنائس الاثرية الجميلة ... ، فتوقفت عن باب احداها و سالتهما .. : الي اي مذهب تتبع هذه الكنيسه ذات الصليب غريب الشكل ؟ 

نظرا لبعضهما البعض ..و تهامسا .. ثم ابتسما و قال احدهما ان ايا منهما لم يذهب الي الكنيسه منذ 30 عاما .. و بالتالي لا يعرفان الفرق .. لانهما فعليا يحملان صفاتهم الدينية اسما فقط ! 

في نفس البلد ... كانت لي مترجمه جميله تدعي "ماريه" .. في احد النقاشات الودية .. قالت لي كيف تكون مهندسا و تؤمن بان الانسان بعد ان يتحلل و يصبح لا شئ .. سيبعث من جديد ؟ .. .. ، سألتها هل انت صاحبة ديانه ام لا دينيه مثل الكثيرين من الاوروبيين ؟... فاكدت انها مسيحية أرثوذكسية .. ، فقلت لها انه في بلادي الارثوذكس يؤمنون بان لهم حياة اخري بعد الموت بلا ذنوب و مآواهم الجنة .. ، فما الفرق بينكما ؟ .. طبعا لم تجب الا اني اكتشفت ان معلوماتي المتواضعة عن المسيحية كانت اكثر منها 

في ايطاليا .. احببت ان اشاهد عظة البابا بندكت .. و هو يطل علي الجماهير في ساحة الفاتيكان من شباكه الشهير ... ، .. لاحظت ان الجماهير تتابع باهتمام كلمة البابا .. ، و لكن بازياء و سلوك كرنفالي لا يتناسب ابدا مع روحانية المكان .. او قدسيته

بغض النظر عن غابة السيقان الجميله للفتيات المنتشرين في المكان خصوصا ان الوقت كان صيفا .. ، و كأنه ديسكو و ليس الفاتيكان .... كان يقف بجانبي رجل - عرفت انه بولندي فيما بعد - يمسك بزجاجة خمر و يتابع باهتمام واضح كلمة البابا التي تتحدث عن الايمان بالله في معظمها ... ، تجاذبت معه اطراف الحديث لافهم كيف يمسك زجاجة خمر و هو يستمع للبابا ؟! ..

 فقال لي ما معناه انه يحب ان يأتي للفاتيكان للاستمتاع بالروحانايات .. لكن بلا ادني استعداد لان يتخلي عن ملذاته .. او نمط حياته ... !! 

ثلاثة مواقف و غيرها .. اكدت لي ان الدين في اوروبا ليس للممارسه او الاعتقاد .. و انما يستدعي للتعصب في مواجهة غيرهم من الديانات الأخرى .. او للبحث عن هوية ... او ربما للحفاظ علي موروث ثقافي و تراثي لا يمكن التفريط فيه .. عدا ذلك فهو شكليات .. لا جوهر له .. و لا روح ... 

لذا .. المراسم الدينية لتتويج ملك بريطانيا.. تعتبر استمرارا للعصبية التشددية لاوروبا ... بالرغم من معارضتها ابسط قواعد العلمانية ... لكنها لا تعبر باي حال من الاحوال عن تدينهم او ممارستهم لشعائر و طقوس دينية ..