تاني يوم مناقشة الدكتوراة
باتوضأ للفجر، حسيت إن وشي محلوّ، وملامحي مرتاحة، والحقيقة إنه كان بقالي فترة طويييلة قوي ما حستش بالإحساس ده.
- مش معقول كل الإحساس الباطني بالرضا ده، عشان ناقشتي الدكتوراه يا حنان؟!
ده حواري مع نفسي، وامتداده:
أعتقد إن السبب أكبر من مناقشة دكتوراه، قيمتها العلمية ممكن تختلف من وقت للتاني، ومن باحث للتاني، وأكبر من كونه إنجاز مهم في حياتي المهنية، كان ممكن أستعيض عنه بإنجازات تانية أكثر يسرا بالنسبة لي، ويمكن بلاقي فيها شغف أكتر.
اليوم ده بكل تفاصيله كان تتويج مرحلي لسنين كتير، ومعاني كتير، ودروس، ووقفات ومشاعر كتير كتير كتييير قوي!
من أول لحظة وقبل ما أقرر إني أسجل للدكتوراه، ولغاية ما خلصتها -وقياسا على كل المشاريع اللي في حياتي- بيحكمني دايما طريقين محفورين في وجداني، ملتقيين في نقطة ما في أصل التكوين، مدركة وجودها بس مش شايفاها.
الطريق الأول: بدور فيه على وِشّ ربنا سبحانه وتعالى، عايزة أحس فيه إنه راضي عني وبيستخدمني، عايزة أحس فيه إني من جنوده عز وجل، اللي ممكن يساهموا -ولو بأقل القليل- في الإعمار.
الطريق التاني: بدور فيه على ذاتي، باشكل فيه ملامحي اللي تخلي نفسي راضية، وتخليني راضية عن نفسي، الطريق ده مُحيّر جدا وبيتوّه كتير، لإن تأكيد الذات كتير جدا بيختلط بالنرجسية، اللي بتخلينا نتصور إن تحققنا هو بتقدمنا على الآخرين، ويطغى ده على السبيل الحقيقي -في رأيي- للرضا، وهو التحقق مع الآخرين وبمساعدتهم.
جات عليا لحظات كنت باحس إني باغرق حرفيًا في بحر ملوش قرار، بسبب شوية مطبات في حياتي، انعكس أثرها عليَّ نفسيًا ومهنيًا، وكنت أفضّل إني أعاني شوية ماديًا، وآخد أجازات بدون مرتب، على إني أحس بعدم جدوى دوري في الشغل.
لما وصلت لمرحلة إني لازم أقف قبل ما أقع، قررت أراجع كل الطريق من الأول، وكنت على استعداد تام للاستقالة والتخلي، وتحمل كل العواقب، إذا تأكدت إن مفيش معنى من استمراري في الشغل، في اللحظة دي شفت إشارات ربنا سبحانه وتعالى في جنوده اللي كانوا طول الوقت حواليا بحبهم وجهادهم ونقاءهم ومحاولاتهم الدؤوبة لتحقيق معاني الطريقين، طريق الله، وطريق الذات.
ظهر دور أسرتي، وأساتذتي، وزملائي، لو بدأت أعد المواقف واللحظات مش هانتهي، ما حدش بخل عليا بأي دعم كنت محتاجاه، سواء طلبته أو ما طلبتوش، تشجيع، سند، تعاون، تفاني، نعمة كبييييرة قوي من ربنا، الحمد لله يا رب، الحمد لله ألف حمد.
امبارح عشت كمية حب وفرحة معرفش أوصفها ازاي؟! وحتى الملاحظات اللي اتقالت لي -واستفدت واتعلمت منها جدا- اتقالت برقي ورحمة وجمال يشبه رقي وجمال أساتذتي.
سعادتي كبييييرة قوي بكل حبايبي اللي شرفوني، وحضنت فرحتهم بيا وهم بيحضونوني، وسمعت دقات قلبي بتعلى مع دعواتهم ودموعهم وزغاريدهم.
وعلى أد ما افتقدت اخواتي وحبايبي اللي منعتهم المسافات والظروف من الحضور، لكن كنت حاسة بنبض قلوبهم قريب وبدعواتهم مدفية قلبي ومطمناني.
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا