"من اللحظة الأولى وأنا راكب المدرعة -بيني وبين نفسي.. أنا دايما في معارك-.. فقلت هذا تاريخ مُسجّل ومعركتي هي الثبات"
سمعت الجملة دي من مهندس يحيى حين عبد الهادي –الضابط المهندس السابق في القوات المسلحة- صاحب المواقف المشرفة اللي لا حصر لها، قالها في لقاء بيتكلم فيه عن تجربته في المعتقل.
لما سمعتها حسيت بامتنان كبير إن لسه فيه ناس حقيقيين مش لابسين أقنعة هليودية قادرين يحيوا أمامنا -بصدق- نموذج للقوة والثبات على المبادئ.
امتنان باحسه نحو كل معتقل/ة خرج ولسه قادر يكتب ويعافر ويحلم.. قادر يسامح في حقه الشخصي ويتمسك بالحق العام... حق كل مواطن المفروض يتكرم في بلده بمشاريع حقيقية تستثمر طاقاته وإبداعاته.. مش بمبادرات قائمة على التبرعات!.. وحق كل معتقل متعشم هو وحبايبه في بلد مستعدة لإطلاق سراحه.. بلد قادرة تستوعب كل ولادها وكل آراءهم حتى لو كانت محل خلاف.
(السماح بحرية كل الآراء مهما كانت) نفس المعنى ده تقريبا عبر عنه حسام مؤنس الصحفي والسياسي، في أول حوار مصور ليه بعد خروجه من المعتقل واللي ظل بعده حريص على الاشتباك مع الأحوال العامة بنفس انتماءاته المتجذرة للعيش والكرامة والحرية -حتى لو كان اشتباكه كما عهدناه بنبرة رصينة وحكيمة- فيقول مثلا في تعقيبه على انتخابات نقابة الصحفيين: "رسالة الجمعية العمومية للصحفيين لم تكن فقط رد فعل....لكنها أيضًا فعل مقصود ورسالة واضحة ومبادرة دالة على الرغبة في تغيير تلك الأوضاع القائمة سواء فيما يتعلق بالنقابة ودورها أو بالمهنة وأوضاعها...
لكن فيما هو أبعد وأعمق، فهي تعبير عن رسائل تتعلق بأوضاع الوطن كله وما يخص المجال العام فيه.."
امتنان آخر حسيته لما شفت زياد العليمي البرلماني السابق -ضمن أدوار كتير ليه أهم- وهو لسه خارج من السجن وكان بكامل أناقته -بفضل والدته الكريمة المُكرمة أستاذة إكرام يوسف- وبكامل الحضور والصدق قال في كلمته المصورة "لا يليق بشعبنا ووطنا مصر ان يُزج بابنائه في السجون لمجرد التعبير عن ارائهم..
بمجهودنا وبتكاتفنا جنبا الى جنب هنقدر نضمن لشعبنا التعبير عن رأيه بحرية دون سجون او تنكيل..
نحن باقون.. وللحلم بقية"
امتنان بيكبر كل يوم لما باتعلم وباستلهم من كل كلمة وكل محاولة ومعافرة بتسعى فيها بنت عظيمة زي ماهينور المصري المحامية والناشطة والإنسانة الجميلة اللي خرجت من المعتقل الطويل وهي أقوى وأجمل وشبه اسمها؛ نور قوي ..ومصرية قوي .. ولما ييجي يوم الأرض فتقتبس من قصيدة محمود درويش
"أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل"
ومعاهم كتييييير.. كل كلمة باقراها على صفحات معتقلين سابقين.. أو صفحات أمهات وأخوات وزوجات وأبناء معتقلين حاليين.. ممكن تجمدني من الوجع والكسوف من عجزي عن المساعدة.. زي ما ممكن تخليني عايزة أقوم أجري في سباق للأمل.. عنوانه: بكرة بتاعنا..
دعوات كل صلاة... وكل يوم قبل الفطار . يا رب... (وربنا العالم باللي في قلبي)