اعتلى المسرح ينقر بخطواته نقشا للوجود. بدأ في الغناء، لكن الإيقاع كان مشدودا من أربع اتجاهات.
من ممر خلفي تجذبه بقوة، امرأة تثمل في أنوثتها، تتجاوز أزمتها مع منتصف العمر؛ وهي تمطره بالورود المحملة بعطرها وقبلاتها... فقط ..كي ينظر لها!
في الصفوف الأولى، تجذبه فتاة جميلة، لكن الإضاءة الخافتة لا تنصف وجهها، تبدو شاحبة، محملة بألم تجتره، يزن أضعاف وزنها، وخوف تنسجه نسجا، يزيد على عمرها، سنوات من الغرز! تتخطى الطمس وهي تردد كلمات الأغاني، حتى أنها تسابقه أحيانا وصوتها يرتعش، تتحدى نشاز حبالها، وتأبى إلا أن تظل صاخبة... فقط.. كي ينظر لها!
في الكواليس، تشغله سيدة متعبة، يخفى نضارة ملامحها نظرات متجهمة، توقفت منذ زمن عن الاكتراث للحنه، مقابل التزامها بتنسيق المواعيد وإتمام الارتباطات، في البند العاشر من العقد، إقرار منه بالالتفات نحوها بين كل وصلة غنائية وأخرى، وفي البند الحادي عشر، يحق لها قطع التيار الكهربائي عن الحضور، إذا تأخر المدير في سداد الفواتير، وتظل صامدة .. فقط.. كي ينظر لها!
في المنتصف، يغلب السواد على الحضور، يكسو وجوههم بأطياف مبهمة، تمنعه من تفنيد ملامحهم، لكنه يتتبع الإيقاع مع تصفيقهم، يعرف وسطهم كيف يكون اللحن متماسكا غير منفرط... فقط.. لأنهم ينظرون له!
تاريخ الكتابة مايو 2020