نفذت الزجاجات وأنا لا أستطيع دونها، اسرع يا غيت و اطلب زجاجات، يا إلهي!!خطوط الهاتف مقطوعة بسبب تلك العاصفة، لن أستطيع طلبها، تعدى الوقت منتصف الليل ، إرهاق وتكاسل يتمدد بجسدي لكن لا يصلح أمري دون الزجاجات، انقطعت الكهرباء أيضًا، ما هذه الليلة؟؟؟ لا يهم، لابد من شراء الزجاجات، أه .. جيد... تذكرت.. بقيت زجاجة وحيدة بالبراد، سآخذ منها بضع رشفات، ثم أذهب لأبتاع المزيد، أين قداحتي الآن؟؟ لا أرى أصابع يدي، صوت الرعد صاخب للغاية، سأعد حتى خمسة لينير البرق الغرفة، وأصل إلى القداحة، واحد، اثنان، ثلاثة، يا ويلي!! برق شديد شق السماء حقًا، لكن لم أجد قداحتي، لا يهم سأتلمس طريقي إلى البراد، دقات الساعة أعلنت الواحدة بعد منتصف الليل، لا لا.. لا تجزع، هناك متجر صغير لا يغلق أبوابه الأربعة وعشرين ساعة، لا مجال للقلق، لم تنتهي الزجاجات، تبقت واحدة، هاا قد وصلت للبراد، كيف لي أن أتعرق هكذا بهذا الطقس القارس، البراد ؟؟ أين مقبضه؟؟ لا أجد مقبضه؟؟ لِمَ لا يفتح؟؟ 

"لن يفتح ولن تصل لآخر زجاجة انتهت الزجاجات"

من !!من يتحدث؟؟ من معي بالشقة!! وما شأنك بأمري من؟؟

لابد وأنني بكابوس، أم أنها النهاية سأموت عطشًا...

-لا لا يا أمي... لا لن نموت عطشًا بتلك الخيمة، بهذا السقيع.

ماذا أقول أنا أهذي أي خيمة، اهدأ يا غيث اهدأ، البراد سيفتح وستروي عطشك أنت ببيتك آمن تمامًا لا تقلق..

انفتح أخيراً ماذا!! ماذا؟؟ أين الزجاجة الأخيرة؟؟!! 

-لا لا ..لا أريد الموت عطشًا يا أمي، ولن تموت راجية، ولا أنتِ، سأعدو بوسط الثلوج، والأمطار والرعود وأعود لكما بالماء، لا أهمية للطعام اعتدنا الجوع لكن العطش يقرح حلوقنا.

 افق يا غيث، ماذا تقول، هيا هيا أنت بخير ، خذ معطفك واذهب وابتع الماء، لا جنود يُحًرموا عليك التجوال، ولا حصار يمنع عنك ابتياع ما تحتاج، ولا انتظار لمن يرمي لك بعض العطايا، والأكثر لم تعد بالعاشرة، هيا أنت بخير يا غيث، أنت رجل الآن تجاوزت الثلاثين، الوقت متأخر، لن أتجرع ماء الأمطار من جديد، لن أضع الثلج على شفاه راجية الصغيرة، لأروي عطشها ببرودة تجمد أوصالها، لن تتحول مرة أخرى بين ذراعي للون الأزرق وتذهب.

 -مغلق؟! المحل مغلق؟؟

"أمي لا تذهبي سأحصل على الماء، ذهبت راجية فلا تتركيني وحيدًا، أتجول بين الخيام ، بلا مأوى، بلا حضن، أمي سأعود بالماء، تحركي يا أمي، لِمَ تجمدتِ هكذا؟! لم تركتِ غيث بلا غيث؟؟؟ كنتِ ما بقي من الوطن يا أماه، لا زجاجات..."

كلما انتهت زجاجات الماء، تموت راجية، وتذهب أمي، لن ينتهي عذابي ولن أنسى كم عانيت، والأخرون بقصروهم نيام ولا حياة لم يستغيث..