منذ أيام نشرنا مقطعًا مرئيًا لشيخ صوفي ظهر مؤخرًا، واشتهر بكثير من الخرافات والأقوال التي لا تستقيم مع الشرع والملة. 

كانت شطحات الرجل موحشة، وبيانه فيه جرأة ووقاحة، حينما أخذ يدلل على شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بكلام منكر منحرف، لا ينطق به الا الزنادقة والمغالين، فكان مما قال: 

(لو قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحتفلوا بي لخالفناه واحتفلنا، لأننا نظن أنه يسقط حقه في حبنا له، والحب أدب والأدب مقدم على الاتباع)

لقد هاج بعض القراء وانزعجوا وأخذوا يردون علي حينما نشرت قوله وعلقت عليه، بأنه كلان لا يرضي الله ورسوله، وقد تعجبت كثيرًا كيف خفي على عقولهم هذا الضلال الظاهر، والبرهان الساقط، والكلام الأعوج  المعتوه؟!

وأنا أعذر الكثيرين لقلة العلم والسطحية الموغلة في فهم أسس الإسلام وأصوله، وهي الأمية السائدة التي يمكن أن تنهار وتنخدع أمام كثير من الترهات والأوهام والكلام المعسول. 

والكلام الذي خرج من الرجل حلو طريف يبدو فيه السلامة والاستقامة، لأنه يردد كلمات النبي والحب والأدب. 

لكن هذا لا ينطلي إلا على من لا علم لهم ولا دراية.. فما قاله الرجل، يدخل في باب الفجور والمروق والزندقة. 

النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الصدق والحق، ولا يأمر إلا بالشرع والدين.. وحينما يأمر وينهى لا يكون أمرًا ونهيا إلا بشرع ووحي ودين، وليس حرمانا من حقه، وإذا أمر أو نهى، فلا يحق لنا مخالفته أو النزول على على خلاف قوله وأمره. 

ومثل هذا الكلام لهذا الرجل المخرف، يُعلم الناس الجرأة على النصوص والدين، فالنص في الإسلام مقدس، ومن يخالفه متعمدا قد يقع تحت أحكام قاسية، وأحيانا قد تخرجه من الملة، أو تقع به في دائرة الفسوق والتكفير. 

ماذا يقول هذا الدعي الصوفي في الحديث الشريف: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم؟

هل هنا يمكن أن نطبق عليه نفس الكلام، ونقول:  لا.. لن نسمع كلامك يا محمد فإطراؤك محبة ومعزة لك وتنازل صارخ عن حقك؟!.

ما هذا الهراء؟! 

ان الدين ونصوصه بعيد عن المجاملات والتحايا والرغبات، ونصوص الدين قرآن أو سنة، شرع مقدس لا يجوز الحيف والحيدة عنه مهما كان الدافع والنية. 

إن الرجل يقول: إن دليلنا حبنا.. ومن ثم نخالف أمره صلى الله عليه وسلم لو نهانا عن الاحتفال، لظننا أنه يُسقط حقه، وأنا أقول له: إن أي حب يخالف النص، ويضرب بكلام النبوة عرض الحائط، هو حب زائف ومنكر وضلالة وهوى متبع.. فالحب في الإسلام هو الاتباع.. قال تعالى:  (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.) 

ويقول تعالى: (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

ثم يقول الرجل في تحريف بشع:  إن الأدب أولى من الاتباع، وتقديم الأدب أولى من الاتباع، في محاولة شيطانية منه ليلبس على الناس بأن الاتباع شيء والأدب شيء آخر.. ولعمري.. فإن الاتباع أعظم صور الأدب التي يرجوها الإسلام من المسلم. 

ان الرجل يشطح بكلام لا يدري بعده، ولا يدرك خطره، واستماع العوام ومن لا خبرة لهم ولا علم بدينهم، يضرهم ضررا عظيما.

وإني لأؤمن بيقين أن قولك هذا ( لو قال النبي لا تحتفلوا بي لخالفناه)  هو القمة  في قلة الادب وعدم الاحترام لمقام النبوة ومنزلة الوحي.