“حينما تتوه الأنثى في عشق الوطن ”

مرفت أبوفخر شاعرةُ ، نشرت أول دواوينها عام (2020م) بالفصحى (سطوة الحب)الصادر عن فرع ثقافة شمال سيناء ، إذًا فقد بدأت مشوارها مع شعر الفصحى وعمرها الإبداعي الشعري منذ بضعة سنوات فحسب ، فقد نشرت ديوانها الأول بشعر الفصحى ، وهذا شيء يحسب لها.

ثم بعد عدة سنوات جاء ديوانها الثاني الصادر هذا العام 2023م عن فرع ثقافة شمال سيناء للمرة الثانية ،وكانت المفاجأة أنه ديوان عامية وليس فصحى مثل الأول .

أهدتني ديوانها الثاني هذا ونحن في رحاب قصر ثقافة العريش منذ أسبوع.

قرأته ووجدت فيه ما يستحق أن ننوه له، وأيضا ما يستحق أن نطالبها بتداركه. نبدأ مع الغلاف فنجد امرأة داخل دوامة أمواج البحر ، كأنها ظلال يتداخل فيها الضوء الشحيح .

وقد جاء الديوان بلا إهداء ولا أدري ما سبب ذلك !

 الشاعرة لم تتغنَّ إلا بحب وعشق بلدها مصر عامة وسيناء خاصة ، ولم تذب إلا في عيون الوطن وحياتها وتجاربها الخاصة بمن حولها .

الديوان فوجئت أنه له مذاق ونكهة ذات طابع وسمة تميز الشاعرة مرفت أبو فخر عن غيرها .

بحثت عن فهرس الديوان لكنه غير موجود ، وهذا الخطأ لا يقع على الشاعرة فهي تنسيقات فنية تقع عاتق من نسق الديوان رغم أنه صادر عن ثقافة شمال سيناء ودار نشر ولنتساءل عن ديوان صدر بهذا الشكل كيف يكون شكله العام أمام القارئ؟

كما نلاحظ عدم الدقة في الطبع ففي صفحة 53 مسطر كلام أسفل الصفحة لا علاقة بالقصيدة (سينا أعذرينا)! 

 فما كان مني إلا أن قمت بحصر عدد القصائد ،وكان يحتوي الديوان على 22 قصيدة بالعامية ، وكلها في هذا الكائن المدهش والمبهر و(فقت خلاص ..من صدمة بعدك ..واتنفست هوا الحرية وحياتي بدأت من بعدك وبقت روحي غالية عليا ....قصيدة "صدمةص5") إنه الرجل. ومن قصيدتها (قسوةص8) تقول: ياما عذبت روحي 

أيام ما كنت قدري 

ضعفي تبدل لقوة 

رميت همومي بدري

أبداً ما هتنسى حبي 

والصدق اللي في مشاعري . 

وشاعرتنا تغنت عن غدر العاشق من أول ديوانها هذا حتى عدة قصائد ؛ باستثناء أربع قصائد تحدثت فيهن عن عشق الوطن والبلد ، ذلك الوطن الذي كانت الشاعرة بالنسبة لها مرحلة أبدية أو محطة لا يتوقف عندها لمحطة أخرى، فمن قصيدتها (وآه يا مصر صفحة 14) .

تقول :

 قلت عاوزة اكتب عشانك 

يوم قصيدة 

قمت تهت 

وسط حروف 

قلبي هربان مني خوف 

إيه يكفيكي يا بلدي 

وإيه يوفيكي يا مصر 

الف ميت مليون حكاية 

تشهد إن أنت بهية 

شهرزاد بجمالها واقفة 

تبص خلف المشربية . شعر مرفت أبو فخر بسيط سهل، تشعر أنها تغني بكلامنا العادي أغنيات للمحبوب وللوطن بشكل دائم الإدهاش .

 فعلى سبيل المثال لا الحصر نجدها تصف سيناء في قصيدة (سينا إعذرينا).

الذي تسميه أحيانا: الجرح في الرأس يا ولدي 

 وأحيانا تسميه القلب نبضه آهات 

، يمكن يوم تسامحينى وبالخير لا تضني علينا 

 ، وتعود لتتساءل السؤال الموجوع بهم الوطن :

ومنين هايجي الخير 

والأرض مدمرة

 ، تصفه بهم لا ينته ، وتنتقل للذكريات التي صارت خلوداً يستعصى على النسيان في قولها :

فاكرين 

سهرنا لحد الفجر 

وكمان صلاتنا 

سنة وفرض 

والضحك وكلام حكاوينا 

صداه بيرد علينا 

  ، ومن قصيدتها (فاكراك ص17) تقول: 

ياقلب القلب من جوا

يا روح سكنتني بالقوة 

ودرت معاها في مدارك 

سبح قلبي في تيارك

فمهما الدنيا 

تعاندنا بقساوتها

وتحرمنا حلاوتها

ما يقدر قلبي يوم ينساك

وكيف ينساك 

وينسى هواك 

وجودك رد فيا الروح 

وانعشها

في يوم ما أقام

 تحدثت مرفت عن الحبيبة التي اخلصت في الحب، فهو حبيبها ولو شاء كانت قدمت الروح لأجله طوال العمر، وهذا ما أخذتُه عليها، أنها جعلت من المرأة كيانا هشاً ضعيفاً، لا يقوى على مقاومة، أو حتى التماسك أمام سحر المحبوب الذي بالغت فيه، ونسيت سحر المرأة؛ الذي هو دائماً يقلب تلك المعادلة، فكانت الأنثى في هذا الديوان؛ هي التي تتغزل في الرجل وتشاكسه وتقول له: ليتك تنظر إليَّ، أنا أضعف من أن أقاوم سحرك، فهي من غير أن تغازله شعراً، 

كما قالت في قصيدتها “دوامة العشاق ص39” وهي التي تحمل نفس عنوان الديوان والذي من وجهة نظري لا علاقة بالشعر الغنائي فكل ما قرأت هو شعر عامية رغم ما يحمل من عنوان للديون مفاده بالشعر الغنائي: 

تقول مرفت في هذه القصيدة :

ويل اللي قلبه 

في حبيبه 

دايب قوي مجروح 

في الحب ليله نهاره

يشقى بعذاب الروح 

يداري ع الكل حبه 

خايف بسره يبوح 

يسهر يناجي القمر 

نفسه لحبيبه يروح 

يقضي عمره ف هواه 

بحنانه تشفى الجروح 

، استخدمت الشاعرة مرفت أبو فخر ، كلمات من مرادفات من الوجع والألم متأثرة بثقافة الواقع المرير الذي نحياه، فقالت: في قصيدة “مذبحة مسجد الروضة ص22”: 

قلبي بجد 

كتير موجوع 

شوفوا كيف حالنا

بلدي بحالها

ف عينها دموع 

من اللي جرى لنا 

مين فيكم 

فهم الموضوع 

علشان ارجوه يشرحه لنا 

قال ف عز

صلاة وخشوع 

أهالينا 

عمامنا 

وأخوالنا 

القاتل من إيه مصنوع 

مش إنسان 

ولا هوش منا 

تساؤل طرحته الشاعرة وكلنا تشاركها هذا السؤال الموجوع والمذبوح بهم الوطن عامة وسيناء خاصة ، الإجابة نعرفها مغموسة بالآهات والوجع لشكل الأرهاب الكئيب والترهيب والمدمر والمشوه لكل شئ جميل .

 نحيي تجربة الشاعرة مرفت أحمد أبو فخر ، ونتمنى لها مزيداً من النجاحات، ونهمس في أذنها أن هناك من الموضوعات ما يستحق أن ينال اهتمامها، فادخلى بقوة على القضايا الأخرى واذكريها بإبداعك الجميل .

أما كل الأخطاء التي وردت في الديوان فهي ليس لك فيها دخل ولا ناقة ولا جمل ،بل يتحملها من قام بإشراف والتنسيق لها .

آخر الكلام أقول :

الديوان فيه الكثير من الجمال الأدبي الذي يحفز المتلقي على المتابعة والقراءة ، ويظل ديوان (دوامة العشاق ) للشاعرة مرفت أحمد أبو فخر إضافة نوعية لرفوف مكتبة شعر العامية ، سطرت فيه الشاعرة أفكارها ووعيها الثقافي والسياسي لأصدارها الثاني ،بما يناسب شعر العامية العميق الأثر .

نتمنى للشاعرة دوام الإبداع وفى هذا النوع خاصة بعدة لهجات سيناوية خاصة ومصرية عامة .