قيل إن الإمام ابن حنبل سُئل: «أين نجد العافية؟» فقال: «تسعة أعشار العافية في التغافل عن الزلات»، ثم قال: «بل هي العافية كلها».
التغافل فن من فنون الحياة التي كنت أتمنى أن تعلمه المدارس كمهارة حياتية مفيدة للفرد والأسرة والمجتمع. فالمتغافل يا أصدقائي إنسان مرتاح ومريح لمن حوله، يرى الخطأ فيحسبه بسرعة كمبيوترية في دماغه ليتوصل لنتيجة أن المعادلة لا تسوى كل مرة وأن من الحكمة ترك هذه الزلة أو تلك تمر مرور الكرام وهو كأنه لم ير شيئاً. ولكن هذا التغافل فن لا يتقنه الكثيرون، فهو فن صعب ومعقد، يحتاج إلى ضبط النفس وحساب للعواقب، ولذا فهو ليس بمهارة سهلة بل تحتاج إلى تدريب وتطوير لتصل للشكل المطلوب، فبعض الناس يولدون بمزاج متأنٍ، فيكون التجاهل موافقا لطبيعتهم. أما أصحاب الأمزجة النارية أو «المجاكرة» فهم في حاجة ماسة لكورسات مكثفة في فن التجاهل.
والتجاهل فن يقوم على حساب دقيق كما قلت فهو في ظاهره يمكن أن يبدو غباء أو غفلة، ولكنه في الحقيقة حكمة وصبر وذكاء وتخطيط، فليست كل هفوة تحتاج إلى تدخل، وليست كل زلة أيضا يمكن التغاضي عنها، ولذا فإن التغافل كما قلت يتوجب أن يضاف لكورس يسمى مهارات الحياة؛ ندرسه لطلابنا في المدارس مثله مثل إعداد الطعام أو الخياطة أو «الدي آي واي» وهو يشمل النجارة وتركيب الأثاث ودهن الحيطان وغيرها من الأعمال التي يحتاجها الإنسان كمهارات ليكون مستقلاً وعملياً.
فالأب والأم المتغافلان عن الهفوات الصغيرة يكسبان أبناءهما على المدى الطويل أكثر من هؤلاء الذين لا يتركون شاردة ولا واردة إلا ويعاقبون عليها. وهذا ينطبق على العلاقات العائلية والإنسانية كافة.
كان لديَّ صديق ، وكان من العباقرة في الفيزياء الفلكية، وحصل على بعثة في إحدى الجامعات المشهورة ليدرس الدكتوراه، ولأنه كان أصغر الطلاب سناً والفتى الوحيد في ذلك القسم فقد كانت تعرض لبعض التعليقات إما الجارحة أو الساخرة أو أحيانا المتنمرة بخفية، وكنت أقول له كيف تواجه كل هذا؟ فقال لي: «بالتغابي، أسمع ما لا يعجبني فأظهر وكأنني لم أفهمه وأنت تعرف الناس لا ينتقدون مباشرة أبداً بل يغلفون النقد، وحتى التنمرات تكون مبطنة، ولكنني أفهمها طبعا وأعيش الدور وكأنني لا أفقه شيئاً».
أذكر أيضاً أستاذاً في معهد المعلمين والمعلمات ، كان يدرسنا اللغة العربية في المرحلة الرابعة بالمعهد ، وقد أصدر كتاباً مميزاً، وأثناء الشرح أشار أحد الطلاب إلى كتابه الجديد، فقال له جيد أنك قرأته، فقال نعم لقد وجدته في قائمة «البست سيلرز» أو أكثر الكتب مبيعاً، فسخر طالب آخر حينما التفت الأستاذ ليكتب شيئا على اللوح، وقال بصوت مسموع: «أكثر الكتب مبيعاً في مكتبة الكتب المستعملة أو في الجراج؟» وضحك بعض الطلاب الخبثاء. ولكن الأستاذ أكمل الدرس بلا تعليق. وبعد انصراف الطلاب ذهبت لأسأله سؤالاً ثم قلت له: مؤسف ما حصل وذلك غير مقبول وهكذا. فقال لي: لا ولا يهمك. أنا تعودت على مشاغبة الطلاب. قلت له: أتسمح لي أن أسأل لأتعلم درساً منك، ألا تضايقك هذه التعليقات حتى بعد سنوات من خبرة التدريس ؟ فأنا أتوقع أنني من الصعب أن أتعود على هذا النوع من النقد. فقال لي: «يا عزيزي إن أردت أن تكون ناجحا، يجب أن تتعلم أنه ليس لديك وقت لمثل هذه التفاهات، أنا أركز طاقتي الإيجابية ، ووقتي لما يفيدني وليس لما يضايقني ويحزنني».
وفعلا ما زلت أذكر هذه الكلمات وأردد بيني وبين نفسي المثل الذي رددناه ونحن صغار: طنش، تعش، تنتعش.
 
 


























 
  هند حمدي عبد الكريم السيد
 هند حمدي عبد الكريم السيد 
  
  أيمن موسي أحمد موسي
 أيمن موسي أحمد موسي نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري
 نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري د. نهله فتحي بيومي حموده
 د. نهله فتحي بيومي حموده يوستينا الفي قلادة برسوم
 يوستينا الفي قلادة برسوم آمال محمد صالح احمد
 آمال محمد صالح احمد احسين احمد الشريف بن قرين درمشاكي
 احسين احمد الشريف بن قرين درمشاكي دعاء محمد علي الشاهد
 دعاء محمد علي الشاهد د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
 د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
 د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي  د. عبد الوهاب المتولي بدر
 د. عبد الوهاب المتولي بدر  د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
 د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر  ياسر محمود سلمي
 ياسر محمود سلمي  زينب حمدي
 زينب حمدي  حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
 حنان صلاح الدين محمد أبو العنين  د. شيماء أحمد عمارة
 د. شيماء أحمد عمارة  د. نهى فؤاد محمد رشاد
 د. نهى فؤاد محمد رشاد  فيروز أكرم القطلبي
 فيروز أكرم القطلبي 

 1
1
 -1
-1


































