تصدحُ موسيقى قارئة الفنجان، وينفعلُ عبدُ الحليم كلما نطق ب (الحبُّ عليك هو المكتوب)، أما رضا فتسرحُ في عالمٍ آخر، يحدثها خاطرها بزواجٍ ثانٍ لزوجها، فأيّ رجلٍ هذا الذي يحتمل العُقم منها طيلة هذه السنوات، تشهقُ للملوخية ويشهقُ قلُبها عليه، ماذا لو تزوج حقاً، كيف ستتصرفُ وهي لا تحتملُ فراقه أو مشاركته مع أخرى، والعقدة أنه يحق له بأن يفعلها...

نقراتٌ على الباب تشتت تركيزها؛ فتتجه مباشرةً لمعرفةِ هوية الطارق، تفتحُ الباب لتواجه عيناها بصّارة بعينين حورٍ كالمخطوطةِ محددتين بالكحل العربي، وثغرٍ متخفي خلف برقعٍ يشفُّ عن لمىً يلوذ بهما، ترفعُ البصارة البرقع للأعلى كاشفةً عن ذقنٍ موشومٍ بخطٍ ينَصفه ونقاطٍ تتوزعُ بإحكامٍ حوله...

تدعو البصارة للدخول فقد نزلت عليها كالمعجزة من السماء، طلبت البصارة أن تغلي الضحية فنجان قهوةٍ مرة، هُنيهات وأصبح الفنجانُ جاهزاً بلا وجه ولا ملامح، كرعته رضا لاستعجالِ الكشف عن المستور، تقلبُ الفنجان على صحنه، فتشكل بقايا القهوة آثاراً عجيبة تفسرها البصارة كما يحلو لها وكما عرفت عن المغدورة...

_سيتزوجُ بأخرى شقراء وستنجبُ له البنين، سيتركك يا بلهاء وينسى عشرةَ السنين..

تغادر البصارة بعد أن بيضت رضا الفال ويعقبها محمد بالعودة، يصطدم مع رضا بالتساؤلات عن سبب تأخيره، يصمت ساخراً من غيرتها المستجدة، تلتقط شعرةً شقراء على قميصه، تثور وتمور، تهدد وتندد، وبين شد وجذب تتصل أخته بها لتطمئن على وصوله فقد هاتفته لإحضار الدواءَ لوالده، تحمر وجنتاها وتهدأ وكأن شيئاً لم يكن، تنظر إليه وتبتسم رامقةً فنجان القهوة بنظرةٍ ساخطة...