يا وردةً من طبيعةٍ خجولة…
أين أنتِ؟
ألم يكن غيابك وحده يكفي لأن يوقظ فينا الشوق، ويعيدك إلينا بلهفةٍ لا تُقاوم؟
أقولها على محمل الجد:
الشوق أصبح قاتلي.
تارةً يوقظني قلبي في منتصف الغياب،
وتارةً ترتجّ جوارحي، وتنتفض أعصابي، ويهمس كل شيء فيّ باسمك.
أنت وحدك من تطفئ هذه النيران،
أنت وحدك من تمنح للحياة طعمها وللصمت دفئه.
فلماذا نحن دائمًا بعيدون؟
لِمَ نُخلق على البُعد؟
هل كان لا بدّ أن تُقسم الدنيا بيننا قسمة موجعة؟
المسافات ليست مجرد أميال، إنها جدران من ظنون، وحواجز من عادات،
عادات لم نكن بحاجة إليها،
مجتمع لم يفهم أن الأرواح قد تختار طريقًا آخر،
وأن الحبّ أصدق من أن يخضع لقوانين غير مكتوبة.
أما عن العمل والعلم…
فما نفعهما إن كانا يكتبان مصيرًا ينفينا من بعضنا؟
إن كانا يفرضان علينا نسيان من نحب باسم "المستقبل"؟
لا نريد مصيرًا يُملى علينا،
نحن نريده منسوجًا من ملامحنا، مقرونًا بحروفنا، مشبعًا بأحلامنا.
نحن وحدنا من يحق له أن يحدد مصير حبّنا، وعشقنا، واجتماعنا الإنساني.
سمعتُ يومًا طبيبًا فيلسوفًا يقول:
"إن لم تغادر عيادتك، فلا تخرج من غرفتك."
كان يقصد – فيما يقصد – أن يضع الإنسان حدودًا لحياته،
إشاراتٍ واضحة، ومواعيدَ دقيقة،
يفصل فيها بين الواجب والراحة، بين المهنة والروح، بين العطاء والاحتراق.
فما نفع الطبيب إن فقد نفسه ليُداوي الآخرين؟
وما نفع الحياة إن أضعنا في زحامها لحظات الصفاء؟
أنا…
أنا من وهبتك عمري، وزمني، وروحي، وكل ما أملك.
وما قلتها حين قلتها في لحظات حبّنا الأولى لم تكن كلماتٍ تمرّ كنسمة،
بل كانت عهدًا،
كانت مبدأً،
كانت قَسمًا أمام القلب.
أعلم أن البعض يُحيل الكلام إلى محض مشاعر تُقال،
لكنني لم أكن يومًا ممن يقول ما لا يفعل،
وما نطقت إلا بما أستطيع،
وما وعدت إلا بما أؤمن أنني سأفي به.
الحب لكِ وحدك،
والحياة لا تليق إلا بكِ،
أنتِ البداية والنهاية،
وفيكِ فقط… أكون.