هل صحيح أن الإنسان يقترب ويحوم حول كلما يثير دهشته أو خوفه أو إعجابه كما تحوم الفراشة حول المصباح ؟.
هل صحيح أنه يتشبث بكل ما يعذبه وكل ما ينبه فيه غريزة البحث والتفتيش عن الآخر ؟.
لست أظن أن هذه القوى الزاخرة بها نفسي ، لن تهديني إليك .
فأنت تثير دهشتي وخوفي وإعجابي ..
أنت المصباح .. أنت تعذبني ..
وأنا أبحث عنك .
عذابي أقوى مني ، خيالك يرافقني في نهاري ، مع خطواتي ، مع كلماتي ، في نظراتي ، ويرافقني في ليلي مع أحلامي ، يتنقل مع عيني على سطور كتابي ..
أصبحت أخشاك .
أطلب من نفسي أن تهجر خيالك ،
أعد الثواني والدقائق ..
وخيالك يكير في عقلي ، يفترشه ، يسيطر عليه ..
أطلب من عيني ألا تراك ، أطلب أذني ألا تسمعك .. أطلب من كل حواسي أن تتجاهلك .
أطلب منك أن تطرد خيالك من حياتي فقد غمرها برقته ، ملأها بمودته ..
فلم أعد أسمع صوت بكائي يتردد داخل صدري الخالي من كل شيء بعد أن انطلقت أبحث عنك ..
وتحدرني نفسي من بعيد ،
إياك الأشواك ، إياك العقبات ..
ويجب أن أجدك رغم كل شيء .
صمودي لا حد له ، قوتي كبيرة .. تملأ الجو حوالي .
وأعرف أن رحلة البحث عنك طويلة ، رغم أنني أعرف مكانك الآن ، الآن ،
فلن أتعب في اختراق المسافات البعيدة القريبة ، التي تفصلنا ..
لن أتعب في الوصول إليك ،
وحينما ألقي عليك القبض ، سأطلب منك أن تطردني من أجواء خيالك ، من الخوف منك ، من حنانك ، من رقة لمسك ، من ظلامك ..
وسأطلب منك أن تتذكرني ، فقط تتذكرني ، لأنني أنا أيضا سأتذكر كل شيء ..
كل لمحة من خيالك ، كل لمسة من يدك ، كل نظرة من عينيك ، كل صدى خطواتك ، سأتذكرك مدى حياتي .
وفي فراغ حياتي ستملأ علي ذكراك حياتي .
وحينما تهدأ الصدور وتفنى الرغبات ، وتذهب الشمس عن الدنيا ويأتي الظلام ليحتضنني ، ستحتضني معه ذكراك .
ستكون ذكراك حارسي ، فلن يحطمني الشقاء .
ولو أنك في ذكراك عني ستكرهني لأنني سأطلب منك ألا تتذكرني .
وأعرف أنك لن تتذكرني ..