حل الربيع باسطا أثوابه الملونة على سهول وهضاب المملكة، وأقامت عشائر الأشجار الاحتفالات ترحيبا بتفتح البراعم الجديدة؛ وبين أشجار الزيتون تفتحت براعم غريبة لا تشبه قريناتها من شجيرات الزيتون.
_عجبا هناك براعم غريبة هنا سيدتي عزة! صاحت احدى شجيرات الزيتونة الفتية.
_نظرت الزيتونة الأم مطولا وقالت: إنه الغرقد!
_غرقد! وما يصنع هذا الشوكي المالح بيننا، ولما يزاحمنا عند منابع المياه بينما يستطيع العيش في أماكن الجفاف؟ ردت الشجيرة
نهرتها عزة: كفي لسانك! فنحن مملكة السلام، لا نؤذي أحدا لا فعلا ولا قولا والكل مرحب به إن كان في خير، دعي البراعم وشأنها.
أجابت الشجيرة بامتعاض: حسنا سيدتي أعتذر، مرحبا بكم بيننا.
توالت الفصول تباعا وكبرت البراعم وأصبحت شجيرات فتية، كان الغراب يزور الشجيرات بانتظام وفي كل مرة كان يحضر رفقته بعض القردة والخنازير، لكنه كان يرحل وحده بينما يتوارى أصدقائه بين شجيرات الغرقد كي لا يلاحظ وجودهم أحد؛ لاحظت الأم عزة ذلك لكنها لم تعر الأمر اهتمام كبيرة فقد كانت معطاءة حنونة ترى أن الأرض جوادة والأنهار رقراقة والخيرات تكفي الجميع، كان المكان ساحرا بحق، سهول وهضاب تتزين بغابات كثيف لعشائر مختلفة من الأشجار الضاربة جذورها في أعماق الأرض