وأتى اليوم الثاني للعيد، أتى ولم يهل عليَّ بدرك ليصالح فكري المشوش في غيابك..
أحداث مملة أعايشها بنصف وعي.. نصف اهتمام..
نصف رغبة في الفهم أو الاستيعاب..
ولِمَ أُتعب ذاتي في هذا كله وأنت لست فيها؟! لن تأتيني بك لأقطف ثمار عيدي في بهجة، يالهُ من واقع قبيح القسمات، ذاك لفارض علينا أشياء عفنة متقيحة الإحساس تقتل فينا الإنسان، كما لو كُنا في غابة.. أعاني وتعاني، ولِمَ هذا؟!
لأن قانون البشر فرض علينا العذاب عقابًا على تجنينا في حق أعرافهم البالية وعشقنا حياتنا معًا!! ينغِّصون علينا الحياة ويخنقون تلابيبنا بأوهام وأراجيف كاذبة كي يفرحوا هم.. يتغنّوا.. بل كي يمارسوا عهرهم المقنع خلف عيني ذئب تدعيان الورع، يا الله! متى كان الحب عيبًا أو حرامًا يا بشر بقلوب جوفاء؟! متى أنزل الله الآيات أو حتى آية واحدة يعلن فيها إعدام مَن تحابا والحب؟
قال رسوله: «لا أرى للمتحابين غير النكاح».. فمتى غيَّرتم قوله؟! متى بُدِّل المعنى؟! ألا تصدعوننا دومًا بأنكم وطن الدين والإسلام والقائمون عليه ومنفذوه؟!
هل الآن صار حلالًا أن تصاحب الفتاة الشاب؟! هل أصبح الأفضل بالنسبة لكم أن تدعوهما يخرجان ويتسليان معًا لا مانع في هذا ولا قيود تفرض؟!
ولكن كفى.. هذا كل ما في الأمر!! ممنوع عليهما الاستزادة والطموح إلى ما يفوق هذا..
الزواج حلال الله ليس بنفس السهولة التي نظمها الله ورسوله!!
ليس على المحبين الزواج؛ فناموس الطبيعة لا يسري هنا إلا حسب مقاييسهم هم، حسب معتقداتهم ومعاييرهم هم، لا داعي للجرأة أكثر، هنا علامة وقوف إجباري، على الجميع مراعاتها!! وهذا فرضته علينا قيودهم فرضًا، وهل بعد التهديد اختيار؟ لا أظن! وها هي الحياة تسير لا تقف على شيء ولا لشيء ولا لأحد..
ها هي الأيام تحصد فينا الأمل وتزرع الأشواك والحصى على طرقنا.. نسير معها مغلقين للمخ قبل العينين، وهل لهما فائدة بعد ما حدث؟! لِمَ نستخدمهما ومتعة الانتفاع بفوائدهما مُلغاة؟! لذة الترنح شكرًا لوجودهما سُلبت منا قسرًا!! يا الله.. متى سينتهي هذا كله؟! أو، على الأقل، متى ستنتهي هذه الحياة لنلحق بك وبرأفتك التي تسر القلب المرهق من هذه الدنيا الفانية؟
أصبِّر نفسي.. ولكن أين لها الصبر وهي تتابع من عذَّبها شوقًا وشغفًا معذبًا اشتياقًا ووجدًا؟!
كل يوم يأتي تعقبه ليلته ولا جديد، تتوالى الأيام ونحن محملون، بل مكبلون، بالوجع والقهر، وكأنهما وصمة عار تلازم الآتي من مستقبلنا لأننا تجرَّأنا وعشقنا من دون مباركة المجتمع وأخذ موافقة كل من هب ودب في محيط حياتنا!! ملأ السأم كل أحداثنا ليمر اليوم الثاني من العيد بلون كئيب فاجع محبط للآمال، أغني بيني وبين نفسي لعلَّ روحي تتفاءل: «أضحيتي أنتَ ويومًا ستكون ذبيحتي»..
لكن، ولأسفي، أسمع روحه تنعى صاحبها قائلة:
«كيف نفرح غاليتي والحزن دستور فُرض على الفرح والبهجة بقانون طوارئ تنظِّمه أحكام عرفية من قهر وخذلان؟!».
فأضيع بين حزني وحزنه؛ ليمر اليوم الثاني من عيد علق لافتةً على بابه مكتوبًا عليها: مغلق للإصلاح.. وانتظروا إشعارًا آخر أو نجدة من السماوات.
* * *