سألتُ الشيخ الكبير؛ ذلك الرجل الذي يراه العابرون غريبًا لا يلفت انتباههم، عبوسًا كأن على وجهه ظلّ غيم، بينما من يحدّق فيه مليًّا يلمح في عينيه بشاشةً كالشمس
قلت له:
كيف أرى العلامات في الطريق؟ وأين أجد صحيح ودّه بين إشارات الطريق؟
فابتسم ابتسامةً خفيفة، وقال:
كلُّ علاماتكِ حب،
وكلُّ كَـرَمه في أوقات شدتكِ حب،
وكلُّ إحاطتكِ بقلوبٍ طيبة حب
وكلُّ غناكِ عن الحاجة إلى غيره حب،
أما حبُّ الناس في الأرض، فما هو إلا صورةٌ من حبه في السماء.
ترددتُ ثم عُدت للسؤال:
لكنني أمشي في سككٍ تتشعّب، ويفوتني فيها الكثير او هكذا أظن.. فهل الفائت هو الخسارة، أم أن ما لم يَفُت كان الخسارة الحقيقية؟
فأطرق لحظة، ثم رفع عينيه إليّ، وفي عينيه سرٌّ لا يراه إلا من يجرؤ على النظر طويلًا، وقال:
اتّبعي قلبك، واتركي لعينيكِ نور الطاعة، وامضي حيث يقودك يقينك.. فالنور لا يُخطئ من صدق في طلبه.
وظللتُ أردد خلفه، كمن يكتشف سرًا لأول مرة:
النور لا يُخطئ… من صدق في طلبه.