ما أقسى تلك الهمسات التي تندس خلسة، كأنها سكاكين مغموسة في عطر:
"عمر المرأة يُفضَح من يديها."
وإن لم تنطق الأيدي، فالعنق يبوح.
وإن صمت العنق، فالخطوط حول العين، أو ارتجاج الضوء على سطح الصدر.
لا يهم أي تفصيل صغير؛ فدائمًا هناك ما يُفشي السرّ.
ذلك السرّ الذي لم نعد نعرف، لمَ يجب إخفاؤه.
لماذا العمر، بكل ما فيه من حكايا، صار تهمة نخجل من الاعتراف بها؟
لماذا نحشو السنوات في أكمام طويلة، ونسدل الشعر على الرقبة، ونملأ الوجوه بالمراوغة؟
وكأن النضوج لعنة، وكأن الحكمة خطأ تجميلي يجب إصلاحه.
هل صار ملمس الجلد أهم من دفء القلب؟
هل ناعمة البشرة أصدق من امرأة ملأتها التجارب حتى ضاقت بها المسافات؟
لماذا نخاف التجاعيد بينما لا نخاف القسوة، أو الفراغ، أو الغباء المغلف بابتسامة مصطنعة؟
كل تجعيدة على وجهي ليست إلا سطرًا في روايتي.
ضحكتُ حتى سال الضوء من عينيّ، فتركت البهجة أثرها.
بكيتُ حتى ارتعشت الأرض تحت قلبي، فترك الحزن علامته.
سهرتُ ليالي لأجل الحب، وأخرى لأجل ابني الذي لا ينام، أو لصفحة كتاب سافر بي بعيدًا.
أليست هذه أنا؟ امرأة نبضت بكل تفاصيل الحياة؟
أين العيب؟
الرجل الذي يغزوه الشيب يُحتفى به، يُقال إنه "رجل حكيم"، "وقور"، "ناضج".
لكن المرأة ذاتها، تُسأل: "لماذا لم تصبغي شعرك؟ لماذا لا تهتمين بنفسك؟"
و"نفسك" هنا تعني مظهرك فقط.
أما الجوهر؟ فلا أحد يُلقي عليه نظرة.
كلا.
أنا لا أُخفي شيئًا.
لا أضع المساحيق على قصتي، ولا أتلحف بالزيف.
لا أبحث عن شبابٍ أبدي يشبه التجميد.
أبحث عن حياة نابضة، امرأة حقيقية، إنسانة لها ماضٍ وحاضر، وملامح تخبر من يراها أنني عشت.
أنا لستُ عارًا تجميليًا يجب إخفاؤه.
أنا تاريخ، أنا خريطة مشاعر، أنا دفء عبر الزمان.
كل طيّة في وجهي بابٌ مفتوح على حكاية.
أنا لا أهرب من المرآة.
أنظر إليها وأبتسم.
أراني كما أنا.
وأحبّني





































