هما وحدهما، الشتاء والربيع، أسعد فترات حياتي ربما لارتباطهما في ذهني بالمدارس وأجواء المطر والزي المدرسي وشبرا التي اعرفها،
وحين ياتي الربيع والزهور، تمتلئ الشوارع بباعة الورد و(الملانة) والسعف، استعدادا للاعياد
وربما لأن ماما وبابا اعتادا ان يملأا حياتنا بطقوس كثيرة ومختلفة، فنشأت محبة للطقوس في كل شيء، فلا ياتي الربيع الا ويكون لدي القرنفل والريحان في بلكونة بيتي
يذكرني بنفسي وانا تلميذة بمدرسة شبرا الاعدادية، يأتي الربيع فتمتلىء المدرسة العريقة بألوان الزهور ويعود السمك الاحمر الصغير (لنافورة) المدرسة العتيقة المليئة بمياه خضراء أحب رائحتها العطنة المختلطة برائحة الزهور،!!
، أخرج من مدرستي لاشتري القرنفل، وحده اضمه لأحضاني واعود به للبيت، وتشتري باقي البنات الورد البلدي،،
ولا يأتي الربيع الا واكون لونت البيض يقشر البصل والبنجر والبقدونس والكركم لاحصل على الوان احمر وبنفسجي واصفر واخضر،
كما اخبز فطيرة تشبه(الشوريك) مزينة بالسمسم وحبة البركة ناكلها مع الشاي باللبن،
افتح التليفزيون ليطالعني وجهها الأسمر وملامحها المصرية وعيونها الشقية وضحكتها الخرافية وفستانها الاحمر الذي تمنيت طيلة عمري واحدا مثله، وهي تقول الدنيا ربيع والجو بديع، نعم هي سعاد بتقاطيعها الطعمة وقوامها اللدن وتقاسيمه التي تشبه تقاسيم العود.
اضحك من قلبي على سمير غانم وهو يرقص بطريقة مضحكة والكاميرا تدخل (كلوز) على السيدة البدينة التي ترتدي بنطلون اصفر وترقص بكل مرونة وليونة فأموت من الضحك. فلا شيء يستطيع ان ينتزع ضحكاتي مثل سمير في هذا الفيلم وتعبيرات وجهه وهو يرقص وحين يتطلع للمراة البدينة.
اجلس في بلكونتي عصرا في انتظار نسمة رطيبة استمع لفريد يشدو ادي الربيع عند من تاني، والبدر هلت انواره وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب لناره،
اتخيل الست سامية في الاستعراض المبهر بازيائها الموحية ورقصها الفاخر، وخدودها الكلثومية، وقوامها.الجبار،
اتنهد، اتمنى ان ادخل عجلة الزمن واعود لهذه الفترة، اذ اشعر بانسلاخي التام من هذا العصر وانتمائي للماضي بروحي وعاطفتي، تتردد في أذني كلمة بنتي(يا ماما انت بتتكلمي بشكل غريب كانك خارجة من فيلم ابيض واسود)
تعتبره بنتي نقدا لأفكاري وطباعي ومفرداتي، واراه مدحا لماض تمنيت أن أعيشه فغرقت في تفاصيله حتى صرت على هذا الحال من التفرد والشعور بالغربة،
دينا عاصم
دينا سعيد عاصم