حتما مررت بليال أسوأ كثيرا.. يبدأ الأمر بسبب أو بلا احيانا شعور اسود يستدعى أفكار ومشاعر أكثر سوادا من الليل  تتدافع وتتصاعد حتى تشعر أن روحك تصعد فالسماء.. ولا يمكنك أن تخرج من تلك الحالة الا بالنوم .وحين تصحو يتغير مودك..قطعا بدأ الأمر وسار هكذا فى تلك الليلة من اسبوعين ..نمت بصعوبه وبلا راحه بعد ساعه استيقظت قلقا كان متبقى على الفجر ساعه قلت انتظر واصليه وحين أذن دخلت الحمام لاستعد للصلاة وقبل أن أخرج وانا واقف اختل توازنى فجأة..خرجت ووقفت على الحوض اتوضا لم اكترث دوخة وهتروح ..دخلت لغرفتى لابدل ملابسى وحينها سقط شيئا ما من أعلى رف امامى مجرد علبه تحوى أشياء قديمة (مقص صغير  بكره خيط شريط لحام..). حاولت أن التقطها واجمعها ولكن لماذا لا تمسك يدى الأشياء!.. حاولت عدة مرات دون جدوى.. يدى لا تمسك شيء هوه فيه ايه! (بسم الله الرحمن الرحيم)..إذا ابدل ملابسى ولكن يدا خفيه تجذب الملابس عكس حركة يدى اليسرى !..لا ايه جو الرعب ده!. ده (بسم الله الرحمن الرحيم بجد!)..بس برضو هصلى ...ارتديت ملابسى عافيه وفردت المصلاه والله اكبر...بس انا مش قادر انطق ليه!  ليه مش قادر انطق ..طب هصلى سر..وحين انتهيت جلست وأنا فى حاله من الاضطراب العجيبة كانى بحلم بحاول انطق مش عارف ماعدا كلمة( يارب).. فقط هى التى تخرج واسمعها ربما لأنها تخرج من الجوف ..حتى حينما لا تستطيع النطق يمكنك أن تقول يارب! ..لم أكن أدرك ما بى ولكن الأمر لا علاقة له ب (بسم الله الرحمن الرحيم).فحين عجزت يدى عن التقاط الاشياء كان لعدم قدرتى على التحكم بها فضلا عن اضطراب في الإدراك وتقدير المسافات واليد التى كان تجذب الملابس عكس حركة يدى اليسرى هى يدى اليمنى التى لم اعد اشعر بها ولا اتحكم فى حركتها ..المهم لماذا لا انطق! أخيراً قررت أن اوقظ اختى خبطت باب غرفتها المضاءة وعندما خرجت ..فيه ايه؟..لا ارد فقط اشيح بيدى اليسرى...مالك فيه ايه؟ عاجز عن النطق تماما فقط..يارب.. فى دقائق انقلبت الدنيا..ثم ذهبنا الى المستشفى وانا غير مدرك ابعاد الموقف .فقط لماذا لا انطق! وهناك وجدنا بعض الأقارب وآخرون حضروا وكله بيسالك مالك؟ وانا لا استطيع الرد.. اسئله كثيره اعرف اجابتها وعقلى فراسى وفاهم كلامهم ولسانى فبقى ولكن لا استطيع الرد !..على المرء تعلم لغه الصمم والبكم أو نطور مهاره التخاطب ما ابشعه شعور انك عاجز عن التواصل مع من حولك ..صعبونى على نفسى قوى... الأطباء يسألون  ومن حولى يجيبون إجابات ناقصه أو غير صحيحة وأنا أعرف الإجابة الصحيحة الكاملة ولكن لا استطيع الرد!.. يكررون الاسئله على وكأنه بالتكرار سارد...انا سامع والله مطرشتش الحمدلله بس مش قادر ارد..اقول يارب.. فيظنونى أستطيع الرد فيكررون ..يارب ..الان تدرك معنى (واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولى) ...إلى الأشعة المقطعية على المخ ثم الى غرفه ما واعطونى 4 اقراص بلعتهم وبعد وقت قالو لا يوجد دكتور مخ و اعصاب اذهبوا إلى مستشفى ارمنت...نصف ساعه او تزيد وهناك نفس الخطوات إلى الأشعة وعشرات الأسئلة  عن ادويتى ويمكن نسيت مخدها.منستش حاجه والله وكله اخدته فوقته بس مش قادر ارد ..عن العمليه ومش قادر ارد ..حقن ومحاليل واشياء أخرى لم أنتبه لها بدأت اتخدر قليلا أو ينسحب وعى أحيانا (لو كان خروج الروح هكذا لكان لطفا كبيرا) لم افكر فالموت وقتها ولا لدى رفاهيه أن افكر اصلا فقط اشعر ...اشعر بتخدير فى نصف وجهى الأيمن حتى قدمى اليمنى لا اتحكم بها جيدا نصفى الأيمن بأكمله اصابه خلل كبير والاهم انى لا انطق !..ما اصعبه شعور بالعجز..مر الوقت وبعد الظهر بوقت جاء اخى محمود عايز اشرحله ..كلمه كلمه تخرج الحمدلله (واحلل عقدة من لساني) يارب...تكتب على الموبايل؟ اعطانى هاتفه بس مش قادر بيدى اليسرى الأمر صعب..طب احاول اقرا الفاتحه.. الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين.. نقرأ ياسين..لا صعب بتلخبط.. ارتاح واحده واحده.. أخيراً أتى الطبيب هنحطه تحت الملاحظة 24ساعه فالعنايه المتوسطه..وهناك فالغرفه المزيد من المحاليل والأدوية.. لم يكن جديداً على جو المستشفى ولا المبيت فيها ولا يؤزمنى..فقط يؤزمنى أن لا استطيع التحدث بسلاسة أن أعجز عن الكلام (واحلل عقدة من لساني)...يارب...نمت كثيرا في تلك الليلة ربما من التعب وربما حلمت حتى أحلاما نسيتها..وفى اليوم التالى استيقظت مبكر ونهضت من سريرى وحركت يداى وقدماى كله تماما أصبح لى كامل التحكم في نصفى الأيمن والأهم لسانى انحلت العقد! انا بتكلم كويس ولا اتلعثم حتى..مكر مفر مقبل مدبر كجلمود صخر حطه السيل من عل!... انا تمام بتمشي فى الأوضه وزى الفل بس شويه دوخه صغيرين..يلا بينا يا محمود نروح  الناس بتتصل بينا واللى عايز يبجى خلينا نروح..نروح فين! لما ييجى الدكتور يشوفك..ثم.. إلى الاشعه المقطعية على المخ...ثم أتى الطبيب ليقول احنا كده كاعصاب تمام..لسه لما ييجى دكتور القلب بالليل يشوفك..هوه انا كان عندى ايه اصلا!!؟..جلطه!..بسبب نقص السيولة...وهذا هو السيناريو المرعب بالنسبة لى مقارنه بكل ما سبق فما فهمته أنها جلطة على أحد الصمامين المعدن لدى وما اعرفه ان الجلطة أما أن تغلقه تماما وحينها ستموت فورا وهذا ما لم يحدث واما أن تغلق الجلطة نصف الصمام وحينها لا بديل عن تغييره بعمليه قلب مفتوح أخرى وهذا هو الأسوأ من الموت! عشت فى قلق رهيب حتى أتى طبيب القلب فالمساء ومعه جهاز الأشعة التليفزيونية الايكو ثم....كله تمام مفيش اى جلطات على الصمامات... الحمدلله..وفاليوم الثالث والاخير وحين حان وقت الخروج قرأت التقرير الطبي ومكتوب فيه..... نتيجة جلطة فى المخ!...مخ مخ ازاى يعنى.. ماله مخى مهو زى الفل!...عامه الحمدلله قدر ولطف واللى يعيش ياما يشوف!...حين عدنا وأتى كل من أتى للاطمئنان على مش عارف ليه كنت حاسسهم مستغربين انى بتكلم عادى وبتحرك عادى مش لازم اتشل يعنى ولا بقى يتعوج يجماعة.. ده كرم ولطف من ربنا..وعمر الشقى بقى...محنه وتجربه تعلمك أن انت لسه عندك نعم كتييير جدا وأهم بكتييبر من اى شىء فقدته وأنه اصعب شىء فى هذه الحياه العوز والحاجة لغيرك وان الموت ليس هو أسوأ شىء بل لا عوز فى الموت خلاص انت مش فاحتياج لحد انت بين يدى رب الحاجات ..(فهو معكم أينما كنتم)..العوز فالدنيا والبلاء ينزل في لحظه ولاتفه الأسباب وان انت لما تصحى وتقوم من سريرك وتقضى حاجاتك بنفسك وتروح شغلك ده مش عادى لا ده فضل من ربنا عليك وفضل كبير جداً.. بمنتهى البساطة جلطه صغيره جدا افقدتنى النطق وشلت نصف جسدى..ينزل البلاء ومعه اللطف ويرفع كان لم يكن..كل ما خسرت فى دنيتى لم يكن  ذرة فيما كان ممكن أن اخسره لولا لطف الله فيسخر لك الأشخاص والظروف والدعوات أيضا.. فشكراً لكل الناس اللى سألت واللى زارت واللى ساعدت مشكورين جميعاً ربنا يمتعكم بنعمه ويديمها عليكم وعلينا ولاخى محمود اللى ربنا بعتهولى ربنا يكرمك ويسعدك ويريح بالك وقفت معاى زى ما اخى حاتم كان شايلنى شيل فى العمليه من سنتين ربنا يكرمكم جميعا... المقال طويل بس تجربة فريدة أردت أن احكيها واوثقها بمشاعرها وادعو الا تتكرر.والحمد لله على ما كان وما سيكون وعلى كل نعمه  العظيمة علينا.