هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • يا آسري
  • شخص من عالمي 
  • المخ ... هو المطبخ
  • ثروة المعلم الحقيقية
  • خليليات: رحم الله الاستاذ الدكتور محمود أبو الفتوح
  • الوزيرة والحجاب و العالم الجليل
  • تغريد الكروان: اعرف نفسك أولًا
  • الأولوية لإستقامة المعوج
  • مدربة لسحق العلاقات
  • خرج من منزل الحب
  • الإنفصال عن الإنسانية
  • كومبو الشرير الغبي
  • العشق المسحور..
  • عقابك الرادع لوارثينك
  • الجعجعة الفارغة
  • مسائل الميراث .. صعبة ... لأهل العلم
  • السادة غير المعنيين بالأمر،،،
  • تغريد الكروان: احتراق قلب
  • شتاء
  •  لحظات مع الذات...
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة م أشرف الكرم
  5. رسالة من تحت التراب

دخلت غرفتَه بعد أن واريته التراب، تذكرت أحاديثه ونصائحه وتوجيهاته التي كان يسديها لنا بين الفينة والأخرى دون أن يُشعرنا بأنه يُلقي علينا تعليمات أو توجيهات، اصبروا فالصبر لازَم الأنبياء في طريق النصر، راقبوا الله في أعمالكم، لا تظلم ولا تجور، لا تضرب طفلًا، لا تُفسدوا في عملكم واستقيموا، والكثير الكثير مثل ذلك.

فوجدتني متأثرًا بشدة، ولم أتمالك نفسي فأجهشت بالبكاء وأنا أسبح في دنيا الذكريات، عبر الأيام والسنوات.

نظرت إلى مكانه بحجرته، إنه الأب الذي ربى وعلّم وسهر الليالي في بناء رجولتنا، فوجدته يعتدل ناظرًا إليّ، وسمعته بدِقّة يحادثُني هامسًا، أي بنيّ: ولِمَ البكاء،؟ فلقد سبقت وأنتم على الطريق تسيرون، سيلحق بي الجميع في موعده الذي لا تستأخرون فيه ولا تستقدمون، فعلامَ البكاء ؟.

الأمر لا يعدو شخصٌ سابق وآخر لاحق، والسبق والإلحاق بتقدير الخالق، فلا تبكِ مَن سبق ولكن أيقظ من سيلحق، فمازالت الفرصة بين يديه سانحة، وضبط الموازين لديه ممكنة، ولا يوقفها إلا وصوله لمرحلة الوداع.

شعرت بأنه يمد لي يديه الإثنتين ويغمرني باحتواءٍ أراحني كثيرًا، وهدأ به روعي، واطمأن باحتوائه قلبي، 

قلت وكأنني أكلمه: لقد اعتدت وجودك أبي، ولا أدري لماذا تناسيت أنني قد أفتقدك يومًا ما، واعتبرتك صخرة راسخة في بحر حياتي متلاطم الأمواج، وإذ فجأة أبحث عنك فلا أجدك، أليس ذلك قسوة وصدمة،؟

نظرت إليه فإذا به يهز رأسه معاتبًا وصمت هنيهة، ثم قال: الصدمة هي التي فعلتها بيديك في نفسك، إذ أن أفكارك هي التي ولَّدَت مشاعرك، الصدمة مشاعر تبنيها بأفكارك عن الفقد والموت، ولو أنك عالجت أفكارك بأن الموت حقيقة وواقع نعيشة وسيعيشه كل منا، وأنه انتقال لمرحلة تالية لما تكالبت عليك مشاعر الصدمة والقسوة.

هممت أن أقوم لأُقبِّل يده، وأعترف له بأنه المعين الذين ننهل منه لنعرف وندرك، ولأخبره بمدى احتياجنا له دومًا في هذه الحياة فلم أجده، فافتقدته وأكثر، وازداد بكائي حين أدركت أنه قد رحل.

وعلمت أن كلماته كانت رسالة منه جاءتني من تحت التراب، حيث يمكث في انتظار اللاحقين.

فيا كل من له أبٌ لم يسبق إلى دار الحقيقة، لا تفارقوا آباءكم، وانهَلوا منهم وأقبِلوا عليهم واستمعوا لتوجيهاتهم، قبل أن تجدوا حواراتكم معهم مجرد همس تتناقلوه بين الفكر والنفس.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

308 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع