وقعت عدة أحداث في الأيام القليلة الماضية، منها حادث التصادم على الطريق الأوسطي، ومنها مناقشات قانون الإيجار القديم، وغير ذلك من الأمور التي تستدعي الحوار المجتمعي الذي ينتشر على منصات التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها.
وفي خضم هذا المشهد رصدتُ ردود فعلٍ متباينة ومتعددة، والتي كان يتوجب فيها على الجميع أن يكونوا مع موجبات الحق والعدل بتجرد، ولكن الذي لاحظته هو اختلافٌ كبير بين ما يفعله "البعض" في وقت الهدوء من أفعال تؤدي إلى كوارث، وما يكونون فيه من أقوال ناقدة لنفس تلك الأفعال في وقت اشتداد الشدائد،
هذا البعض قد حيرني كثيرًا، فرغم إظهار التزامهم الأخلاقي وتمسكهم الديني في الشعائر، وجمال طرحهم في الأقوال، وفي التوجيه للغير، كيف هم يكونون في تلك الأحداث جالدين ولغيرهم أشد ناقدين، وعند الواجبات والمسئوليات يكونون على النقيض من ذلك، بحيث نعتقد أنهم ليسوا هم مَن كانوا في وقت الهدوء من التزام بكل الايجابيات ظاهريًا.
هذا البعض، بُنِيت ثقافته على أن يكون "ضد الحكومة" وفقط، ليست الحكومة التي تحكم مصر فحسب، ولكن الحكومة بمعنى أي منظومة تدير أي إداره في أي هيئة أو مكان عام في كل جنبات الوطن.
ونفس هذا البعض من شعبنا، هو لا يحب الالتزام في عمومه حين يكون واجبًا عليه، فهو لا يحب الالتزام بالنظام رغم نقد غير الملتزمين، ولا يحب الالتزام بالنظافة رغم تشدقه بالإيمان، ولا يحب الالتزام بالقانون رغم دعوته لسطوة القانون، ولا يحب الالتزام بحقوق الآخر رغم صراخه عند حقوقه، ولا يحب الالتزام حتى بالسلوكيات التي تؤدي إلى التحضر رغم سخريته من غيره في ذلك، نجد فيهم كل ذلك بل وأكثر، حين نراهم يستهزئون ممن يلتزمون بكل هذا، تحت مدعاة الحريه -رغم أنهم لا يعرفون عن واجبات الحريه شيئًا- بل ولا يكترثون بذلك.
ورغم كل هذا التعنت والاعوجاج السلوكي والفعلي لديهم، نجدهم ينتقدون بحدة ويشجبون بشدة، وما أن تقع أي أحداثٍ تهتز لها مشاعرنا الإنسانية، نراهم في مقدمة الصفوف ينتقدون كل شيء، وأي شيء.
هو انفصام تام "شيزوفرينيا" حادة تحتاج العلاجات النفسية، وندعوا هؤلاء بأن يكونوا بنفس هذه الحدة والشدة على أنفسهم في الواجبات والمسئولية، وأن يتوازنوا بين النقد للغير وإلزام النفس بهذه الواجبات والمسئوليات.