قصر عبد المجيد باشا صيف النصر
كثيرا ما تستهويني المنازل القديمة التي تفوح منها رائحة الزمن .. كلما صادفني في طريقي منزل قديم أجدني أنظر اليه وكأنني قد لمستني يد سحرية فأخذتني من عالمي الحالي إلى عالم آخر بعيد .. بعيد بطول عمر ذلك المنزل .. أقف مشدوهة مأخوذة بكل تفصيلة من تفاصيلة سواء كان ذلك البناء منزل قديم متواضع أو قصر مهيب .. المهم أن أشتم به رائحة الزمن وكلما كان البناء قديما كلما زاد سحره في عيني , أشعر أنه كرجل عجوز طاعن في السن يقف برغم شموخة مطأطأ الرأس حزينا ناعيا الأيام الخوالي .. تأخذني فكرة وحيدة وأنا أنظر اليه " كم من الأفراح والأحزان والأحداث حوته تلك الجدران بين ضلوعها " وها هي الآن تنتظر أحد القدرين إما أن يأكلها الزمن فتتهالك وتقع أو تزال عمدا , وأرى كل القسوة في الحالتين لأنني أستشعره كرجل مسن مريض لايجد من يسعفه فيموت من الإهمال أو يأتي من يقتله ويتخلص منه نهائيا طمعا في المكسب المادي دون العبء بالذكريات والتراث والأصالة ....
ومن تلك الأبنية قصر عبد المجيد باشا سيف النصر في بلدة ملوي محافطة المنيا .. انظروا معي لهذا البناء الذي يدل على روعة البناء ودقة التفاصيل وقمة الإتقان والروعة في الفن المعماري .. كم من الباشوات والباكوات توافدوا عليه .. كم من تفاصيل الأرستقراطية عاصرها هذا القصر .. والآن تحول الى معرض للسجاد بعد أن باعوه الورثة .. ليس هذا فقط .. بل يحيط به بائعي الخضار والسمك وما شابه .. تحفة معمارية تشوهها يد الإهمال .. هل هو تداول الأيام , أم أنه ناموس الدنيا أن يصبح عزيز الأمس ذليل اليوم .. البعض يرى أن في هذا عدالة السماء ........
أيا كان السبب وأيا كان المسمى , فسيظل ما أراه وأستشعره هو الثابت لدي كلما استوقفني بناء كهذا .. أنه يقف أصيلا شامخا باكيا على الأيام الخوالي