....ولما ركبت الطائرة تعرفت علي جاري باليمين وجاري علي الشمال فكانا مهندس محمد عبدالسميع من دمنهور واستاذ احمد عبده من المنيا ومقيم بالمنصورة وكل منهما بالطبع يعمل بليبيا .....ووصلنا الي جدة ونحن متفقون ان نكون معا سواء في المدينة المنورة او في مكة المكرمة .....ولما انتهت مناسك الحج وبقيت من ايام البقاء في مكة يومان قررنا زيارة جبل حراء ويسمي جبل النور ....والجبل موجود شمال شرق البيت الحرام علي اطراف مكة وارتفاعه اكثر من ٦٠٠ متر  وهو موجود في طريقك الي مني وعرفات .....وكنت اظن ان الصعود في الجبل أمرا سهلا ....وتوكلنا علي الله في رحلة الصعود ....والجبل مرة يستوي كأنك تسير في طريق عادي ومرة ينحدر الي اعلي وتبذل مجهودا في الصعود ..وقد يزداد انحدارا فتجد نفسك منكفئ الي الامام وتزداد ضربات قلبك ....والغريب اننا كنا نفاجأ بجماعات من الافارقة ذوي السيقان الطويلة والجافة يمرقون بجانبنا ويسبقونا  بكل رشاقة وبعض النساء يحملن اطفالهن في أكياس معلقة علي ظهورهن ...بينما نحن نجر سيقاننا بصعوبة وانفاسنا تتلاحق (ننهج) ....وفجأة وجدنا جدار الجبل اصبح قائما ولكنه يحتوي علي صخور بارزة تستطيع ان تتسلقها مع الحذر من السقوط فجأة وتصبح في خبر كان ...وقيل لنا حدثت وفيات كثيرة في هذه المنطقة ...والمهم اننا صعدنا الجبل حتي وصلنا الي قمته وفوجئت اننا قضينا ثلاث ساعات في الصعود!!

.....وعند قمة الجبل تجد اخدودا يسوقك بانحدار الي اسفل في حدود عشرين مترا لتصل الي غار حراء ....وعند دخولك للغار تستطيع ان تري البيت الحرام بوضوح كما تري مكة كلها .....والغار صغير الحجم يكاد يتسع لعشرة رجال (مكدسين علي بعض)

........هنا يشملك شعور  

أأنت تقف حيث وقف النبي محمد ؟! صلي الله عليه وسلم 

....وبالتأكيد انت تتلمس  الجدار والحجارة التي تلمسها المصطفي صلي الله عليه وسلم  

.....ومن فوهة هذا الغار تتخيل ان جبريل يهبط (يتدلي) ليدخل الغار علي هيئته المخيفة والمرعبة (ذو مِرةٍ) ومحمد(حبيبي) في الغار وحده!!

.....حتي لو صرخ او نادي لن يسمعه ولن يره احد !

....

......ويقسم المولي سبحانه بالنجم (وهو احد مخلوقاته) بأن محمدً ينطق بالحق  والحق هو الوحي بالقراَن الكريم الذي علمه اياه جبريل الذي جاء علي هيئته الحقيقية المرعبه قادما من الافق من السماء

.....

.....(والنجم اذا هوي ...ما ضل صاحبكم وما غوي ...وما ينطق عن الهوي ...ان هو الا وحي يوحي ...علمه شديد القوي...ذو مِرةٍ فاستوي...وهو بالأفق الأعلي...ثم دنا فتدلي ...فكان قاب قوسين او ادني...فأوحي الي عبدي ما اوحي ) ١٠،١ النجم

.....اوحي جبريل الي محمد صلي الله عليه وسلم بالقرأن وقال له اقرأ (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ١ العلق .....

......يا الهي كل هذا في الغار الذي رأيته وأتخيل هذا الرجل الشريف النظيف والذي لا يقرأ ولا يكتب  يقول له هذا المارد الجبار المخيف اقرأ ...ياألله...ياألله 

....ثم يتردد عليه جبريل في صورة انسان بالقرأن كله علي مدي  ٢٣ عام 

.....

....كم انت عظيمة ياسورة النجم فعندما ضاقت الاحوال وساءت الامور بموت عم الرسول وسنده وظهره ابو طالب وفارقته حبيبته وشريكة عمره خديجة 

....

....تقول لنا سورة النجم ان جبريل تقابل مع رفيقه وصديقه محمد صلي الله عليه وسلم ولكن هذه المرة فوق السماوات عند سدرة المنتهي ....قرب العرش !!

....

....(ولقد راَه نزلةً أخري ...عند سدرة المنتهي ...عندها جنة المأوي)١٣..١٤..١٥ النجم 

....اخبروني يا سادة اين سدرة المنتهي .هل في اسوان....ام في موسكو...ام في برلين ؟(فانا راجل حمار)

.....يا سادة يا أصحاب محمد قراَننا الكريم قال لنا ان الاسراء في سورة الاسراء....وقال لنا ان المعراج في سورة النجم 

....

....فلتتبول الكلاب علي هؤلاء الذين يلوون اَيات القرأن ولا يحترمونه 

....لا حول ولا قوة الا بالله....فبينما انا غارق في ذكرياتي وبالغار والساعة حاليا العاشرة مساءا نادت علي زوجتي ام محمد بنداء مختلط بالبكاء (الحقني بوسي مش موجوده) لقد بحثت عنها في كل غرف البيت ...وايضا غرف بيتها فلم اجدها في هذا الوقت المتأخر !

...ففزعت وبحثت بنفسي ...فبوسي هادئة الطبع ولم تتعود الخروج الا باذننا وهي رقيقة ومؤدبة جدا وشخصيتها تدل علي عنصرها الراقي (وبعدين يا ام محمد) لقد تركتها ابنتي وسافرت مع ابنائها (احفادي) الي ابيهم لفترة 

....قررت ان اصطحب عصاي التي اتوكأ عليها واتجول في شارع منزلي والشوارع القريبة حول المنزل وارتديت كل مااملك في عزالبرد وكلما امر علي سيارة انظر اسفلها وانادي ...بوسي...بوسي ..واتلفت حولي فلو راَني احد يظن ان هذا الشيخ الكبير بلا عقل ....وبلا جدوي بحثت هنا وهناك ...ودعوت الله (اللهم رب الضالة  رد علي ضالتي) ...وهذا الدعاء ما دعوته في حياتي الا واستجاب الله لي وتلفت حولي ولعب الشيطان بداخلي وانا اكلم نفسي وبينما ادفع باب منزلي تتصل بي ام محمد تقول انها وجدت القطة البيضاء الجميلة مختبئة فوق ثلاجة المطبخ

....وجبر الله بخاطرنا في ذكري الاسراء والمعراج