جاء دوري كي اكون الطبيب
المنوب والسهران ليلا في قسم
الاطفال تلك الليلة من ليالي اكتوبر منذ قرابة ثلاثين عاما
.....
حيث قمت بمراجعة ملفات المرضي من حيث العلاج وتغيير الادوية وتلازمني ممرضتان واحدة فليبينية والاخري بلغارية ولم اجد ملف الطفل (التومي) فقد توفي منذ قليل في فترة عمل زميلي الذي انصرف علي التو واللحظة
.....
والتومي طفل عمره عشر سنوات وهو مولود بالمرض المنغولي ....يعني لديه قصور ذهني لكنه كان خفيف الظل محبوبا بين الناس ....وقد اتي للمستشفي منذ عدة ايام بالتهاب رئوي حاد
....
ولأن الطفل لا يشكو للمحيطين فقد تمكن المرض منه وجاء للمستشفي في حالة متأخرة
....
وبذلنا نحن اطباء القسم اقصي ما يمكن تقديمه للمريض ....لكن القدر كان له كلمة اخري وتوفاه الله
....
بعد اقل من نصف ساعة توافد علي المستشفي والده واقاربه وجيرانه وعلا ضجيجهم
....
وجاءني هاتف من مدير المستشفي الذي تجمعني به صلة الاحترام المتبادل كثيرا
...كانت لهجته تشي بما معناه
هل يعقل ان تكون انت سبب الاهمال بشأن الطفل التومي ؟!! فأبوه والجيران يستغربون ذلك منك بالذات !!
....
وقطع الحديث مع مدير المستشفي (عبدالسلام اليسير) بسوق الخميس الخمس اندفاع والد الطفل نحوي قائلا ...اني اشكوك الي الله ولن اسامحك ابدا !
....
امتلأتُ استغرابا ودهشةً وقد تحملت دون زملائي هذا الغضب
....
والغريب قبل هذا الموقف اتضح ان والد الطفل دخل عليه حجرة العناية المركزة لاستلام الجثمان لدفنه واكتشف ان السرير الذي يرقد عليه المتوفي ليس موضوعا باتجاه (القِبلة) وكان ذلك السبب في مهاجمتي !!
...
تعودنا في حياتنا ان نقول
توفي الي رحمة الله فلان
....ولا نقول ابدا مات الي رحمة الله فلان !
فهناك فرق بين الحالتين
فالوفاة معناها انك قد اكتمل حصر ما قدمته سواء كان خيرا اوكان شرا ....وبالتالي انت بحاجة الي رحمة ربنا وجبران خاطرك حتي لا تصبح من اصحاب الاعراف الذي تتساوي لديهم حسناتهم مع سيئاتهم ...او تكون سيئاتك اكبر من حسناتك ....وهنا ندعو الله لك بالرحمة
....
اما قولنا فلان مات معناها اتي الامر بانتهاء حياته بتوقف انفاسه ودقات قلبه
....
تأمل معي القراَن الكريم
بتسلسله الرائع
(الله يتوفي الانفس حين موتها) ٤٢ الزمر
يعني
احصي ما قدمته كل نفس بالتمام والكمال من اعمال
عندما تموت سواء خير اوشر
...
ثم
(اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا ) ١٤ الاسراء
يعني
سوف تجد نفسك تقرأ بمهارة مهما كنت جاهلا لا تقرأ ولا تكتب وتحصي بنفسك حصيلة اعمالك
...
توقف معي قليلا
عندما نموت
ما الذي يحدث تقوم الملائكة بحصر اعمالك في دفاترها فقط بمجرد طلوع روحك
(حتي اذا جاء احدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )
٦١ الانعام
فكلمت توفته هنا عكس ما كنا نفهم بان الملائكة الذين عاشوا معنا حياتنا بمراقبتنا ليس لهم دخل بموتنا ولكن لهم دخل بحصر اعمالنا ولذا جاء اللفظ (توفته رسلنا) دقيقا بالغ البلاغة
.....
لوتأملنا حالة المسيح عيسي عليه السلام تجده يقول
(فلما توفيتني ) ١١٧ المائدة
لان المسيح رفعه الله بعد ان احصي اعماله في الدنيا فقد كان بنواسرائيل والرومان يطاردونه ليقتلوه
ولكن الله رفعه حيا الي السماء
(اذ قال الله ياعيسي اني متوفيك ورافعك اليً) ٥٥ ال عمران
....
والمسيح عليه وعلي حبيبنا محمد السلام سوف ينزل اَخر الزمان قبل يوم القيامة ثم يموت ويحشر يوم الحساب
لذا يقول لنا القراَن الكريم علي لسان عيسي وهو يطلب من الله الامان
(والسلام عليً يوم ولدتُ ويوم اموتُ ويوم اُبعثُ حيا) ٣٣ مريم
....
يعني هناك فرق
بين الموت
وبين الوفاة
و حصر الاعمال عند الموت يعبر عنها بلفظ (وفًي) يعني تم واكتمل ...ولكن عند البعث قيل للانسان الحي (اقرأ) ففي الحالة اولي موت وفي الحالة الثانية حياة بعد البعث

آمال محمد صالح احمد
د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
أيمن موسي أحمد موسي
نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري
رهام يوسف معلا
هند حمدي عبد الكريم السيد
يوستينا الفي قلادة برسوم
ياسمين أحمد محمد فتحي رحمي
فيرا زولوتاريفا
د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
ياسر محمود سلمي
زينب حمدي
حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
د. شيماء أحمد عمارة
د. نهى فؤاد محمد رشاد
فيروز أكرم القطلبي 

































