جلستُ وحيدًا أمام صمت المدينة، وفي قلبي غصةٌ لا أعرف لها سببًا، كأنها ظلٌ يرفض الرحيل. كل ما حولي بدا صغيرًا أمام حجم الألم الذي يحملني. حاولت أن أبتسم، لكن الغصة تسللت إلى عروقي، تذكّرني بكل اللحظات التي تركتها خلفي، وبكل الوعود التي تلاشت قبل أن تُزهر، وبكل حبٍ لم يجرؤ على الكلام.
الغصة ليست مجرد حزن؛ إنها حضور الشيء الذي فقدته قبل أن يكون لك بالكامل. إنها شوقٌ ممزوجٌ بالخوف، وحبٌ يختنقه الصمت، وأملٌ ينهار أمام واقعية الأيام. كل وجه أراه يذكرني بغيابك، وكل كلمة تُقال تبدو كصدى لفراغك، وكل لحظة صمت تصبح أطول حين أسمع نبض قلبك في داخلي، رغم أنك بعيد.
أحيانًا، أجد في هذه الغصة درسًا عميقًا في الحب. تجعلني أفهم أن الحب ليس فقط باللقاء، بل بالتحمل، وبالانتظار، وبالألم المكتوم. تعلمني أن الروح تحتاج أحيانًا أن تعيش هذا الألم، كي تتعرف على قوة القلب الذي لا يزال قادرًا على النبض رغم كل شيء.
وفي كل مرة أغمض فيها عيني، أجدك هناك، بين ذكرياتي، بين الشوق والحنين، بين ألم الفقد وفرحة التذكر. عندها، تصبح الغصة أكثر وضوحًا وصدقًا، لأنها تجعلني أعيش الحب بعمق، كما لو أنني أحتضنه رغم غيابه، وأحبه رغم ألم الرحيل.








































