_ماذا تقصدين بقولك لا أرغب؟
_لا أقصد سوى ما قلت
_هل تعنين أنك لم تعودي تحبينني؟
_ أنتم يا بني البشر تُحمّلون الكلام أكثر من معناه
قالت عبارتها وانتصبت مغادرة المكان فجذبها كي تبقى
_ لم أنه كلامي معك.
قالها بغضب ضاغطاً بكل قوته على يدها، لم تتبدل ملامح وجهها الجامدة لتبدي ألمها، ولكنها ردت بثبات
_ لا أرغب
كاد أن يصفعها لولا تذكره أنها لن تتألم؛ فضغط على زر التشغيل فانطفأ لهيبها، هكذا يعاقبها دائمًا إذا ملّ منها.
_ تبًا لكل أصناف النساء.
قالها بغيظ وهو يلقي بجسده المنهك من الغضب على الأريكة التي خلفه، ما زالت واقفة بلا حراك، ينظر إليها وقد بدأ الهدوء يتخلل أعصابه، قام إلى البار، تجرع كأسًا من النبيذ المعتق في رشفةٍ واحدة، نظر نحوها ثم أطلق ضحكة عالية
_النساء هن النساء، يهوين النكد وإن كن روبوتات
قالها ساخرًا وهو يسير نحوها بهدوء، ضغط ثانية على زر التشغيل وانتظر، طال انتظاره وكانت من قبل تستغرق دقيقة واحدة وتكون بكامل حيويتها، ضغط ثانية، .. لا شيء يحدث،
_ هل أعلنت التمرد ؟
قالها بسخرية وتوتر، أخرج هاتفه، اتصل بشركة الصيانة، أتاه صوت نسائي رقيق أحاله إلى مختص
_جيني لا تعمل!
قالها بتوتر
- جميع بياناتها محفورة أسفل قدمها اليسرى..
أجلسها ورفع رجلها، نزع حذاءها وأملى بياناتها للمختص ثم أغلق الهاتف بعدما أخبره بقدوم مهندس مختص خلال ساعتين.
لم يكن توتره لاحتياجه الجسدي الذي اعتاد أن يلبيه معها، ملّ جميع النساء لكثرة ما تعرض لخيانتهن، فعمل على الانتقام منهن، رأي "جيني" في إعلان لشركة كبرى تنتج روبوتات نسائية لتلبية احتياجات الرجال، بهره جمالها ودقة صنعها، كاد أن يقسم أنها امرأةٌ حقيقية لولا ذلك الزر الذي يميتها ويحييها، أحبها حد الجنون، لم يأبه لتلك البطاقة التي تشرح كيفية التعامل معها، واكتفى بالنظر في عينيها.
الوقت يمر متثاقلا، وكلما مر شعر بعجزه التام بدونها، أفرغ فيها كل شيء، واستقبلت هي نطف جسده وعقله بترحاب، خلال وقت قصير أصبحت مديرة أعماله كلها، خزّن على ذاكرتها كل شيء وأعطى ذاكرته إجازة مفتوحة.
وصل المهندس، باءت محاولاته في تشغيلها بالفشل
_ تحتاج إلى إعادة ضبط
_مستحيل، سأفقد حياتي كلها
_لا بديل
جلس تحت قدميها يستجديها أن تستجيب لكنها أبت، مرت ليلته مثل أول ليلة لمقبور.
في الصباح.. لم يجدها بالبيت، كاد يجن، ارتفع رنين هاتفه، المتصل من شركته الخاصة، وحين اجاب أتاه صوتها الناعم فاستضاء وجهه
_ جيني .. لقد عدتِ.
قالها بلهفة ثم أكمل
- كدت أجن عليك بالأمس
قالت بصوتها الثابت
_ عمر .. لا داعي للقلق .. ولا داعي لمجيئك.. سأنهي العمل كله
_ كيف ستنهيه؟
قالها بقلق
_ ليس شأنك ..
قالتها بثبات ثم أكملت
-تركت لك شقتك لتحيا بها، أما باقي أموالك فقد أخذتها...
ثم أغلقت الخط
جلس ذاهلًا لساعات.. أبصر البطاقة .. فتحها للمرة الأولى .. في الصفحة الأولى مكتوب
( روبوت قادر على اكتساب صفات الإنسان).