نوافذُ الأملِ إطارُها صُلبٌ وزجاجُها رقيقٌ، تتراكمُ عليه أتربةُ الألمِ وغبارُ الذكريات، وتطرقُها رياحٌ محمَّلةٌ بالوجعِ والحنينِ، وضجيجٌ صامتٌ لا يستطيعُ البوحَ بما تحملهُ الروحُ من أوجاع. مثلُ هذه الأرواحِ تبدو أحيانًا معتمةً، لكنها في جوهرِها ما زالت تنتظرُ لمسةَ يدٍ دافئةٍ تمسحُ عنها الغبارَ لتعودَ شفافةً نقيّةً، قادرةً على استقبالِ النور.

كذلك هناك بعضُ الأرواحِ هشّةٌ كزجاجِ تلك النوافذ؛ ربما هي هشّةٌ في ظاهرِها، لكنها ثمينةٌ في صفائِها. لا شكَّ أن هذه الأرواحَ تحتاجُ أن نزورَها من وقتٍ إلى آخر، أن نربّتَ عليها برفقٍ، ونزيلَ عنها غبارَ الأيامِ وتراكماتِ الأحداثِ بصبرٍ وحرصٍ، كي لا تُصابَ بخدوشٍ أو جراح. وأثناءَ ذلك حذارِ من كسرِها، فجمعُ شظاياها مؤلمٌ، والعيشُ بروحٍ منكسرةٍ أكثرُ وجعًا من لحظةِ انكسارِها.

ولكلِّ واحدٍ منّا، مهما اختلفت ملامحُنا أو طباعُنا، نافذةٌ اسمُها "الأمل"، تُطلُّ على روحٍ أنهكها الحنينُ، وقلبٍ أرهقتْهُ الذكريات، وأمنياتٍ تتدثرُ بالصمتِ في انتظارِ قبسٍ من الضوء. لذا لا تُهملوا نوافذَكم، ولا تُغلقوها في وجهِ الحياة؛ دعوا خيوطَ الفجرِ تتسللُ إليها، فهي الرسائلُ القادمةُ من السماءِ لطمأنةِ القلوب.

حاولْ جاهدًا يا صديقي ألّا تُرهقَ نفسَك بالشكوى، ومبرراتِ الفشلِ، وكلِّ ما يُدخلُ على نفسِك اليأسَ والإحباط. والأهمُّ من كلِّ هذا ألّا تُراهنَ على النسيان؛ فالنسيانُ لا يُرمِّمُ الأرواحَ ولا يشفي القلوبَ، بل يزيدُها تصدّعًا. تَمَسَّكْ بأملِك مهما ضاق الطريقُ، واسلكْ طريقَ الحلمِ بكلِّ ما أوتيتَ من قوّةٍ، ولا تنسَ أنَّ لكلِّ نافذةٍ مغلقةٍ مفتاحًا، ولكلِّ ظلامٍ فجرًا يقترب.

وتذكّر دائمًا: أنَّ الأملَ ليس ترفًا، بل هو الهواءُ الذي تتنفّسُهُ أرواحُنا.

أخيرًا وليس آخرًا، إلى أولئك السائرينَ على الأشواك، اتركوا نوافذَكم مشرعةً على السماء، ولا تُغلقوها؛ فإن تركتُم نوافذَكم مغلقةً خنقكم الغبار، أمّا إذا فتحتموها، تنفّست قلوبُكم نورًا وسلامًا. فافتحوا نوافذَ الأمل، فربما يمرُّ الفجرُ المشرقُ من خلالها.