يخبرني ذلك العراف بأن قدري المسطور منذ الأزل يقتضي بأن أغدو ما أنا عليه الآن، حتى وإن لم يرُق لي ذلك..!! تطرحني نظراته أرضًا بقوةٍ غاشمةٍ؛ يصرخ بي صوته الأجش "أنْ تقبلي قدرك برضا تام".. تسارع روحي الوجلى بالاختباء خلف جدارٍ من ضباب، أتسربل بذاك اليأس الذي ناداني من علٍ فلبت نفسي النداء، تطعمني يد الوحشة لقيماتٍ من رهق، يلوكها قلبي بإنهاك، يزدردها بنهم، تسري ذراتها في خلاياه؛ فتشتعل..
قلبي يشتعل..
تلتقم روحي شرارات السعير..
فتشتعل هي الأخرى..
كلي..
كلي يشتعل..
لم أدرِ إلا وأنا جاثمة فوق صدر هذا العراف، أُحكِم الإمساك برأسه بينما يطبق فمي على رقبته بهيامٍ ساحر، فوق وريده الوداجي الظاهر تعزف أنيابي أسطورة خالدة، أبتعد برأسي قليلًا مفسحة المجال لشلال دماء ساخنة، انبجست قطراته بجنون تمامًا عند موضع أنيابي، ألعق دماءه بافتتان، أختلس بضع نظرات نحو وجهه الذي تنسحب منه الحياة لتنسكب بعروقي عوضًا عنه، تروعني نظرات الاتهام التي وجهها نحوي قبل أن يرحل عن عالمنا -غير مأسوفٍ عليه- ويحه، وكأنه يستنكر فعلتي..!! ألم يطلب مني ذلك الجاحد منذ قليلٍ أن أتقبل قدري برضا تام؟ وها أنا ذا قد فعلت ما طلبه مني دون نقصان، أَفمن العدل إذًا أن يكون آخر ما ينالني منه هو نظرات الذهول والاتهام؟ أذاك جزاء طاعتي له؟
يا لفجاجة بعض هؤلاء البشر، حين يقابلون انصياعك المطلق لرغباتهم بالنكران!!
سيءٌ هو هذا العالم، سيءٌ لأقصى مدى، لا مكان فيه لأنقياء النفوس من مصاصي الدماء مثلي أنا..😔
ألا تبًا لكل هؤلاء القساة متحجري القلوب.