هو شاب أفرغت نفسه من الفضيلة وأصبح لا يعرف من حياته الا شهوتها ومن أوقاته الا لحظتها وبات يقترف الرذائل بلا اكتراث لزمان يدركه أو مكان يحيطه.
فالزمان هو الشباب .. . هو ربيع العمر . . هو القوة والبأس و نسيان الامس و ليت الزمان عنده يحط الرحال ويعانق به قمم الجبال ولكنها سنة الله في كونه لا يبقى حال على حال فرغم أنفه من أدركه الشباب ولم يزده الا فحشا ورغم أنفه من أدركه الشباب ولم يزده الا بطشا.
والمكان .. هو الارض الراجية للندى .. هو المضغة بين النواجذ .. هو تلك القرية المتوارية بحجاب الفقر المنغمسة في رمال اليأس كأنها من أطلال قرى عاد وثمود ألقت بها الريح الصرصر ها هنا ومترفيها وتركتها حتى غادرت معالم القرية ولم ترقى الى المدينة فهي عالقة ما بين القرية بقيمها والمدينة بحدثتها فلا تستطيع ان تزعم بأنها مدينة وليس بوسع أحد ان يزعم بأنها قرية.
أما هي .. فتاة أمرة وناهية .. هي مرآة لجمال الطبيعة .. شعرها الارض توحي بالنماء 00 عيناها نهران يجريان .. أنفها يعني السماء .. شفتاها اللؤلؤ والمرجان .. صدفها اللمس .. وطيهما الهمس .. وبشرتها .. الرمال عندما يطئها ضوء الشمس .. تمشي كالاعصار .. تمر بالقلوب فتتركها صلدا .. وتمر بالارض فلا تذر فيها أحدا.
غير ان الشاب استطاع ان يغرس نفسه في أعماق تربتها فأنبتت بها شجرة الحياء وصار زاهدا كصاحب صومعة رافضا ان يكون امعة ولبث غير بعيد يترقب عن كثب .. ترا هل هي بداية الهداية ؟ .. ام هي سنة أخذته فلم يدرك شيئا ؟ .. أم هي سهام الحب قد أصابته فهو الان أسير هواها مقيدا بأغلاله متأدبا بأدابه ومثله هنا كما قالوا: الحب يصنع المعجزات .. تصفحت بخاطري فلم أجد جوابا محددا ..فربما الاحتمالات جميعها ممكنة .. ولكنه تجاوز كل الاحتمالات وانفرد بما سولت له نفسه الدنيئة واستجاب لنداء الشيطان وتهيئ لغزو هذه الفتاة و وطئ رمالها واقتطاف لآلآها ومرجانها.
فاقتفى أثرها دون ان يشعر به أحد حتى بلغ مغرب الشمس ووجد السماء تبلع شمسها وتواروا بحجاب الغفلة هيئ لنفسه ما أرادت وأذن له الشيطان فهرول اليها مقبلا عليها ولما اسمك بقلاعها واختلطت الانفاس وتدافعت الابدان وأراد ان يشق بسيف شهوته حياءها لم يمنعها منه سوى صوت الحق مدويا كالرعد:
ـ الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر
أشهد ان لا اله الا الله
أشهد ان لا اله الا الله
فاهتزت له اركان نفسه وتصدع بها موضع الشيطان ومقعده وترك الفتاة مستغفرا:
ـ ربي اني ظلمت نفسي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت
وفرت الفتاة منه الى ربها تائبة عازمة على ان تصون عفتها ولا تبدي زينتها.
تمت