ظلت تنتظر قدوم هذا اليوم بشغف كبير وحماس أصبح من الصعب السيطرة عليه، لقد كانت تنتظر هذا اللقاء بلهفة كطفلة تنتظر قدوم يوم عيدها ..
منذ اليوم الذي أعلن فيه " راهب الفكر " على صفحته الرسمية خبر عودته الي ارض الوطن وأنه سوف يمنح ساعتين من وقته لكل متابعيه علي صفحات التواصل الاجتماعي ويلتقي بهم في احدي الأماكن العامة ليتبادل معهم الأفكار والاراء في كافة مجالات الحياة ..
أخذت تستعد لهذا اللقاء ، وفي اليوم الموعود
استيقظت يملأها النشاط والحيوية، لكنها كانت في حيرة من أمرها أخذت تنظر لهذا الفستان الذي اشترته بالأمس لترتديه في تلك المناسبة، لكنها حين تطلعت به شعرت أنه مبالغ فيه بعض الشيء أقنعتها البائعة أنها يناسبها لكنها تشعر الآن أنه لا يتناسب أبدا معها. .
قررت أن ترتدي ملابس عادية بنطلون أبيض وبلوزة فضفاضة كملابس صيفية عادية تحمل البهجة، ومريحة في ذات الوقت. .
أسدلت شعرها وحين نظرت في المرآة عادت ورفعته ظنا منها أنه ليس من المناسب أبدا أن تلتهي بشعرها المتطاير أثناء جلستها، لا ليسن اللائق أبدا، هكذا حدثتها نفسها. .
ارتدت حذاء رياضي خفيف شعرت براحة وهي تتجه نحو سيارتها حيث إن مظهرها عادي جدا ليس فيه اي تكلف، هي تريد أن تبدو علي طبيعتها ولا تريد أن تتقمصها شخصية أخرى سوف تكون هي لن تسمح بأفكارها أن تتلاعب بها. .
حين وصلت إلى المكان المحدد، ألقت نظرة سريعة علي هيئتها حين نظرت لإنعكاس صورتها علي الباب الزجاجي لتطمئن أنها لا زالت في كامل اناقتها رغم بساطة ملابسها، ثم دخلت لتجده أمامها مباشرة يجلس متصدرا المدخل في كامل هيبته ووقارة يتكيء علي عصاه ذات المقبض العاجي تماما كتلك الصورة التي اعتادت ان تراها علي صفحته في موقع التواصل ..
كان يجلس ينظر بعين متلهفه نحو المدخل يتطلع في كل من يدخل من الباب، حين التقت نظراتهما شعرت بشيء من التوتر مما جعلها تدخل وتتجه إلى إحدى الطاولات بالزاوية وتجلس عليها، نظر إليها ولكنه عاد و اشاح بوجهه عنها حيث أدرك أنها زائرة عادية للمكان ليست أحد من أولئك الذين يتوقع حضورهم للقاءه ..
علي الرغم من أنها ظلت تنظر إليه بعد ان جلست إلا أنها لم تملك الشجاعة حتي تقترب من طاولته ..
كان هناك ما يمنعها ان تقترب ، عدة أفكار ملحة تسيطر عليها ، لقد ذكر على صفحته أن هذا سيكون لقاء لكل متابعيه.
أين هم؟ ! !
هل حضرت قبل الموعد؟ !
تعجبت من نفسها لماذا لم تذهب إليه مباشرة وتعرفة بنفسها وأنها "همسة حائرة " تلك المتابعة لكل أعماله الأدبية والتي كثيرا ما دارت بينهما مناقشات عديدة حول تلك الأعمال على شكل مراسلات كما جرت العادة في الأوساط والصفحات الأدبية، وكم اثني فيها على عقليتها المستنيرة ورومانسيتها المفرطة في كتاباتها ..
ومع ذلك لم تملك الشجاعة لتقترب منه في مجلسه ، شيء ما كان يكبلها ويلصقها بمكانها فلم تستطع ان تتغلب عليه، إنه الخجل الذي كثيرا ما حال بينها وبين البشر، فاكتفت بهم سطور تقرأها دون أن تقترب منهم أو أن تسمح لأحد أن يخترق عالمها ويتوغل فيه . .
ماذا لو أنها ذهبت الآن وتخطت كل مخاوفها وعرفته بنفسها؟ !
لكنها ارتعدت من مجرد الفكرة ماذا لو لم تحظى منه بعد ذلك بنفس القدر من الإهتمام حين يدرك أنها فاشلة في التواصل الفعلي، وأنها ليست بتلك اللباقة التي تتسم بها حين تتبادل أطراف الحديث معه عبر السطور. .
بينما هي في حيرة من أمرها، والوقت يمر وجدته يتململ في كرسيه وينظر إلى ساعته، فجأة يهب واقفاً ويتجع نحو الباب مغادرا المكان. .
شعرت برغبة شديدة في ان تلحق به حتي لا تشعر بالندم بعد ذلك لكنها شعرت بغصة في حلقها وظلت في مكانها جامدة حيث أدركت حقيقة واحدة هي أن بعض العلاقات يجب أن تبقي على حالها لا تتغير. .
أصدقاء القلم يجب أن يبقوا هكذا وان الإقتراب أكثر غير مستحب. .
استجمعت كل طاقتها وقامت هي الاخري وخرجت وعند الباب تلاقت نظراتهما للمرة الثانية والأخيرة، ثم ءهب كل منهم في إتجاه وكأنه كان وداع من دون لقاء. .