كلما مر بي العمر أشعر أن هناك أشياء أعجز عن أن أجد لها أي تفسير منطقي، على سبيل المثال هناك بعض الجمل أو المفردات أشعر وكأنها بقايا لأطلال ظلت عالقة في ذهني، راسخة في وجداني، حتى أني أستحضرها من مرقدها كلما شرعت في تدوين أفكاري. .
في الحقيقة أن في داخل كل منا يوجد هذا الكهف المظلم حيث الأشياء المبعثرة التي تظل مخبأة لا يعلم أحد عنها شيء ولكنها تطل علينا بين الحين والآخر كلما لزم الأمر. . لا أجد مسمى أستطيع أن أصف به هذا الشعور الذي يسيطر عليا ليبقي شيء مجهول يقبع في خلجات نفسي، شعور يملأني بالطمأنينة حيث يرقد في اللاوعي، شيء يميزني عن باقي البشر وهو أني أملك تاريخ خاص بي.
لست وحدي ولكن هناك الكثير ممن يسيطر عليهم مثل هذا الشعور ليشكل من كل إنسان نسخة خاصة به. .
وعلى جانب آخر هناك بعض الأشخاص خلقوا وكأنهم بلا ذاكرة، أو ربما أنها قد محت بعناية فائقة، من الجائز جدا أن تكون رغبة منهم أو دون ذلك. فتجد أنه وفي أبسط المواقف لا تتشابه ردود أفعالهم وكأنهم يتلونون ويتخذون أشكال مختلفة مما يجعلهم أشخاص هلامية لا تتخذ الشكل الثابت لتستطيع تحديد ماهيتهم كبقية الخلق. .
وكأنني أزحت الستار عن اكتشاف مذهل لا أدري لماذا بت أشعر بالفخر وانتابني الشعور بالزهو ربما لأن الاكتشافات مهما بدت بسيطة إلا أنها قادرة على خلق الإبهار والإثارة في النفس الإنسانية التي مهما حاولنا الغوص فيها لا نستطيع أن ندرك العمق منها. .
فلا نملك من الأمر شيء غير الامتثال لقدرة الخالق في كونه جعل لكل منا شأن خاص به كبصمة أصبع لا تتماثل أبدا مع غيره. .
سبحانه الخالق جل شأنه وتقدس اسمه في الدنيا والآخرة. .