"ليلٌ بلا جهة.. ورسالة لم تُكتب"
ما أطول الطريق إليك يا آدم…
كأنّ الزمان قرّر أن ينسى اسمي في دفتر مواعدك، وكأنّ الحنين يعاقبني كلما حاولت الالتفاف على صمته.
صرتُ أسير في المدن كما تسير الظلال: لا تُرى، ولا تُسأل، ولا تُعاد للوراء.
أتعرف؟
لم أعد أبحث عنك كما كنتُ أفعل، لكنّي أكتبك كما لو أنّك الهواء الذي لا يُمسك…
كل شيء من بعدك ناقص، حتى القصائد حين تنساب لا تكفي لتغسل وجهي من غبار الذكرى، ولا تمحو صوتك من فواصل اللحظة.
كنتَ دهشتي الأولى، وفصامي الأجمل، وتلك الحكاية التي لم يُكتب لها ختام، لا لأنّها خُلقت لتُروى، بل لأنّها خُلقت لتُعاش حتى الرمق الأخير.
آدم…
متى تفهم أننا لم نكن عابرين؟
أنّ الذي بيننا لم يكن حبًّا عاديًا يُختزل في توقيت أو يُنسى بقرار،
بل كنا تشقّقًا في الزمن، وانفلاتًا من معادلات العقل،
كنا رجفة كونية في قلب صامت…
صوتًا واحدًا تشظّى، فانقسمنا… نصفك فيك، ونصفي معي.
يا وجه القصيدة التي لم تكتمل…
يا شهقة الورق حين يراني أكتبك…
ما زلتُ أراك حين أغلق نوافذي، وتطلّ الذاكرة برائحة قهوتنا، وفوضى ضحكاتنا التي كانت تُربك جدران البيت،
ما زلتَ تغني في داخلي، لا ذلك الغناء الصاخب، بل الذي يجعلني أتمايل وأنا أبكي،
فهل تعود؟
ولو مرة،
كأنك نسمة تسللت من زمنٍ نسي أن يحملنا معًا.
أنا لست ورد، ولا ظلّ أنثى عابرة…
أنا التي احتضنت صراخك دون أن تهرب،
أنا التي كتبتك حين خانك القلم،
وغفرتُ حين خذلك كلُّ شيء…
إلا أنا.
في آخر هذا الليل،
أقولها لا كي تسمعها، بل كي تظل ترفرف في السماء:
"أُحبّك يا آدم، كما لو أنّي خُلقتُ لأكون كتابة بين يديك."