أتعلمين ما الذي يُبكي القلب حقًا؟
أن يُقابل أحدُهم احتواءك بالفرار،
وطمأنينتك بالريبة،
وشغفك بالخذلان...
أن تمنحيه الدفء،
فيلبسك ثوب البرود.
أن ترفعيه فوق الشك،
فيُغرقك في أسئلته.
أيُّ لُغزٍ فيكِ جعلهم يتعاملون مع كرامتكِ كأنها قابلية للغفران الأبدي؟
أيُّ إشراقٍ هذا الذي جعلهم يظنّون أن سطوعكِ لا يخبو،
حتى لو أطفؤوه بأيديهم؟
أنتِ لم تكوني بحاجة لمن يُكملكِ،
بل كنتِ تبحثين عمن يُدرك أنكِ مكتملة رغم الشقوق.
فهل يُلام القمر إن انكسر في حضن الغيوم؟
أشدُّ القلوب وجعًا...
تلك التي أرهقتها الرحمة،
وتكوّمت بداخلها الخيبات كأنها صلاةٌ بلا إجابة.
وما زلتِ تُضيئين…
رغم كلّ هذا الظلام
وما زلتِ تُضيئين…
رغم كلّ هذا الظلام.
تَسقُطين ألفَ مرةٍ في الحُبّ،
ولا تسقطين مرةً في القسوة.
لأنكِ خُلقتِ من صبرِ الأمّهات،
ومن خذلانِ العاشقات،
ومن حكمةِ كلّ امرأةٍ مرّت على الشوقِ واقفةً،
تُحسن الصمتَ حين يعلو الوجع،
وتُحسن النهوضَ حين لا يمدّ أحدٌ يدَه.
يا امرأةً... تُكفِّن نفسها في عزّ الكتمان،
وتُخبّئ وجعها في صدرها،
وتُربّت على قلبها كما لو كانت تؤدّب طفلةً مشاغبة...
كم مرةً سامحتِ من لا يستحق؟
وكم مرةً رجوْتِ النجاة من قلبٍ لم يعرف إلا التيه؟
لكنّكِ اليوم،
أصبحتِ تعرفين تمامًا كيف تغلقين الباب،
وتتركي خلفه من لم يُحسن الجلوس في رحابك.
لم تعودي تنتظرين أن يُدركوا قيمتك،
لأنكِ، ببساطة، بدأتِ تُدركينها.