الروحُ ليست طيفًا ولا سرابًا،
إنها مجرّة صغيرة تدور بداخلك،
تكتم أصوات الانفجار كي لا يرتعب جسدك،
تغزلك من نورٍ لم تعرفه،
ثم تذوب فيك… وتبكي في صمت.
الروحُ لا تُرى… لكنها تخلّف وراءها أثرًا كأثر النيازك،
خدوشًا لا تلتئم،
وضوءًا باهتًا يسكن تحت أظافرك،
يضيء حين تحبّ،
ويختنق حين تكذب على نفسك.
الروحُ لا تموت…
لكنها تسقط،
تسقط من أعماقك كما تسقط نجمةٌ مذنبة من عرشها،
تصطدم بأرض الحزن،
وتتفجّر إلى ألف شظيّة من صمتٍ وذكرى،
وتعيش بعدك، على هيئة صوتٍ تسمعه فقط أنت،
في منتصف الليل، حين تسكن كل الأشياء إلاك.
الروحُ…
كأنثى خجولة، لا تصرخ حين تُذبح،
بل تنظر في عينيك… وتغفر،
ثم تبتعد.
كل مرة تخذل فيها نفسك،
تخسر طيفًا منها،
جزءًا لا يعود،
وترى في المرآة شخصًا يُشبهك،
لكن لا يُشبِهك.
الروحُ ليست في صدرك، بل في دمعتك التي لم تجد لها خدًا،
في الحنين الذي يشدّك لمن لا يعود،
وفي الغصة التي لا يعرفها الطب،
ولا يسعها الدعاء.
الروحُ حين تتعافى،
لا تصرخ "نجوت!"
بل تنام هادئة في صدرك،
وتزرع فيك زهرة…
لا اسم لها،
لكنك تعرف رائحتها حين تضحك من القلب للمرة الأولى بعد زمن.