في ابريل ١٩٧١ كنت طالبا بكلية ضباط الاحتياط وفي طابور التمام عصرا تقدم قائد الطابور المقدم ماجد مندور ونظر الينا وهو يقف بجسمه الرياضي ونكاد نسمع وقع اقدامه علي الارض وصاح بصوته الجهوري وبكلمات وضحة موبخا لنا وكان ذلك قبل حرب اكتوبر ٧٣ المجيدة بعامين ونصف
(أأنتم رجال وساق امكم عارية) ؟!
...لحظتها ارتعدت بقشعريرة غطت جسمي كله رحمه الله فقد كان محبا لوطنه وقد كنا نحن الشباب نشعر بالعار من هزيمتنا امام اسرائيل سنة ٦٧
....وعلي ذكر الساق العارية التي تمس الشرف بعد هزيمة الوطن فان هذا التعبير يلاحقني عندما اراقب احوال المجتمع من هزائم اخلاقية لم نتعودها واتساءل لماذا ؟!
.....هل لنقص في القيم والاخلاق وفي القدوة؟!
ام لكثرة المفسدين علي الرغم من تدلي المسابح من ايدي معظم الناس ؟!
....ولو عدنا للقيم والاخلاق والقدوة فبلدنا عريقة باخلاقها
...ويكفينا شرف التجلي الاعظم للمولي سبحانه علي ارضنا بسيناء ليكلم النبي موسي (اني أنا الله رب العالمين) ٣٠ القصص
...وحتي رأس محمد جنوب سيناء المطلة علي البحر الاحمر ما بين خليج السويس وخليج العقبة وهي المنطقة التي يقال عنها مجمع البحرين التي تقابل فيها موسي بالخضر بامر من الله ليتعلم منه موسي الحكمة
...(واذ قال موسي لفتاه لا ابرح حتي ابلغ مجمع البحرين
او أمضي حقبا) ٦٠ الكهف
....ويكفينا ثراء الاخلاق الذي زين بلادنا لزيارة الخليل ابراهيم لمصر وزواجه من هاجر وتنجب اسماعيل النبي جد نبينا المصطفي صلي الله عليه وسلم وايضا يعيش النبي يوسف ويكون مسئولا علي اعلي مستوي في حكم مصر ويأتيه ابوه النبي يعقوب ويخطو الطفل عيسي ابن مريم في مصر قبل ان يكون نبيا لبني اسرائيل
....ويستمر الشرف بدخول الاسلام في عهد الفاروق عمر بن الخطاب بقيادة الصحابي عمرو بن العاص .....يعني حجر الاساس للقيم والاخلاق محطوط في مصر منذ فجر التاريخ
.... حتي بعد الاسلام استمرت القدوة فقد جاءها الحسين بن علي والسيدة زينب احفاد المصطفي والسيدة نفيسة حفيدة الحسن بن علي والامام الشافعي والعز بن عبدالسلام حتي الشيخ محمد عبده والدكتور عبد الحليم محمود والشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد متولي الشعراوي ومازالت بركة الازهر الشريف تؤتي ثمارها منذ الف عام
...ولكن السؤال ماذا جري؟!
حتي نحافظ علي ساق امنا مصر مستورة
....لنكن صرحاء !!
ولنقل انه يوجد فقر اخلاقي فلم يعد الاب قدوة فهو يسب ويلعن الام والابن والابنة باحط الالفاظ ويهرب من البيت للمخدرات
.....وغاب الحلال عن المأكل والمشرب في العمل الحكومي وغيره والموظف يزوغ ويرتشي ويجيد النصب والكذب ويجيد التقارير المفبركة لمجرد (سد خانة) ويكذب وينم وينافق لدي الرؤساء.........والطبيب الذي يذهب للمستشفي لدقائق مرة واحدة او مرتين في الاسبوع ويترك المهام كلها لصغار الاطباء واول الشهر يزاحم الاَخرين في قبض المرتب (صحيح مرتبات الاطباء مسخرة) ولكن حق الله واجب قبل كل شيئ ......والمهندس يرتشي لاخراج التراخيص للناس ثم يتحمل الناس المسئولية وحدهم امام القانون ......والمدرس يحبس ضميره عن المدرسة علشان الدروس الخصوصية حتي اصبحت الشوارع فصول متحركة بالتلاميذ هنا وهناك .....واهل الريف يبيعون اللبن مغشوش بالماء حتي تزيد ارباحهم ومصانع الالبان تزيد في الغش ايضا .....والباعة يحلفون اغلظ الأيمان بانهم (مش لاقيين ياكلو) وتلتقط اصابعهم حبات الطماطم والبطاطس والفاكهة المضروبه ويضعونها بكل خفة في قاع الكيس ......وطوابير شهود الزور امام المحاكم والقضايا المرفوعة ظلما دون خوف من الله ....وما زالت الادراج نصف مفتوحة للرشاوي الممنوحة لتسهيل مصالح العباد ......حتي الرياضة وهي وسيلة الترفيه التي تنسي الناس همومهم من غلاء المعيشة تري فيها مجاملات لابناء الاكابر وكذب علي حساب الكفاءات ولو علي حساب سمعة الوطن وتمتلئ جيوب القائمين علي الرياضة طالما السنتهم جميلة لدي المستويات العليا ......والفن وما ادراك ما اصحاب الفن فلم يعد الكاتب الراقي ولا المخرج ولا المنتج ولا السينارست المبدع والابداع كله منصب علي العرايا ونصف العرايا من الستات والصبايا والافلام الهابطة التي تمجد الشذوذ والمخدرات وجدعنة اولاد الحارة في الشرب والمسخرة ويقولون نحن نعالج مشاكل المجتمع بل هم يثبتون الاوساخ بمسامير قلة الادب واحط الالفاظ ويجمعون الملايين والقصور والسيارات الفارهة .....وكثر الشحاتون وازداد رواد الزبالة !
....قال مولانا سبحانه وتعالي
( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) ٤١ الروم
.....لو سمحت اخي فلنفهم سويا معني الاَية وقد قال لنا المصطفي (من اعمالكم سلط عليكم )...يعني مثل ما نقدم يأتنا الرد
كلمة ظهر الفساد معناها ظهرت الاوجاع وعدم البركة والخيانات الزوجية والانتحار والشذوذ والهموم وعدم القناعة والرضا ....ليه يارب (بما كسبت ايدي الناس) يعني بما قدمنا من سلوكياتنا ..... وبعدين يارب !! علشان نذوق طعم المر ولو مرة بسيطة (ليذيقهم بعض الذي عملوا) وايه الفايدة يارب ؟!
...يمكن نرجع ونكون ناس كويسين (لعلهم يرجعون)
اتمني الا ننسي هذه الاَية وياريت نعلقها في بيوتنا
....مش كده واللا ايه ؟!