الثانية صباحًا.. في لحظات انتحار الأماني أقف أمام نافذتي، ذاكِرتي هي عِلَّتي الوحيدة، ثَمَّة نيران تشتعل في خلايا جسدي، وثَمَّة أمور عالقة بِداخلي الصمت فيها مُرادِفًا للحرق حيًّا.
اللجوء إلىٰ الكِتابة هو أحد أسلحتي لمواجهة الألم، لا أدري أهو سِلاح حقًا أم تَعري؛ لأنَّني أتجرد مِن جميع أقنعتي أمام الورق وأكتُب، الكتابة رُبّما هي الوسيلة الوحيدة للبوح عِندي.. كَوني قويّة.. شُجاعة يراني الجميع ذلك فلا شيء يُعيدني إلىٰ حقيقة نَفسي سِواها.
وأمام مِرآتي أرىٰ أمامي وجهًا نَضِرًا فيه شباب وبعض الشحوب، لكِن ما جَعلني أشعُر بِـحيرةٍ عارمة هو ذاك السؤال الّذي يتردَّد في خاطري أيّ وجهٍ هذا الّذي أراه أمامي؟ كَوني اعتدت علىٰ ارتداء الأقنعة صباحًا ومساءً فلم أعُد أعرف أيُّ وجهٍ أرتدي، لكِن مع دقة الثانية أنسلِخ مِن نفسي وأعود مُجردةً مِن كُلِّ شيء، أجَمع جميع الأماني وأحرِقها، وجميع الذِكريات أيضًا أحاول زجها بين طيات النسيان، ولا يتبقىٰ مِني سِوىٰ رغبة واحدة.. أن يعثُر عليَّ أحدهم!
أعود لأُكِذب ذاتي.. لستُ بحاجة لأحد، لستُ ضعيفة لهذا الحد، قطعتُ ألآف الأميال مع ذاتي حاملةً جمرة قلبي المُشتعلة بيدي، ألقيتها في النهر ولم أبالِ.
أعودُ لأقنع ذاتي مَرَّة أخرىٰ أنَّني شُفيتُ مِن الأيام الثقيلة ومِن طعنات التعلُق، غسلتُ ذاكرتي وأسقط الجميع مِنها مع قطرات الماء.
ورَغم كُلّ هذا، ومع جميع محاولاتي لإقناع ذاتي بكُلِّ هذه الأمور.. لا زالت عِلَّتي تكمُن في ذاكرتي.. أنا كاذبة!