قرأت لك ..،، رواية "أرض العميان" للكاتب البريطاني ( هربرت جورج ويلز ) كتبت هذه القصة عام 1904
الرواية رائعة فوق الوصف ويمكن إسقاطها بسهولة على الوضع السياسي والإجتماعي عندما ينهار الحق برغم سطوعة أمام الباطل لأنه الأكثر والأوسع إنتشاراً
إن الحق لو لم يجد من ينصره .. سيستسلم للباطل
===========
تحكي الرواية عن مهاجرين من بيرو هربوا من طغيان الأسبان ثم حدثت انهيارات صخرية عزلتهم عن العالم في وادي غامض مجهول وانتشر بينهم نوع من أمراض العيون فأصابهم بالعمى وورثهم الأحفاد في العمى حتى 15 جيل حتى نسوا نعمة البصر وعضو العينين
ولكنهم استطاعوا مع الوقت تكييف أوضاعهم والتأقلم مع حقيقة عدم وجود البصر بالبصيرة وبالسمع وباللمس والإحساس ..، ونسي السكان ان هناك ما يسمى بنعمة البصر وبالعضو الذي يسمى عينان ...
هنا يظهر بطل القصة (نيونز) وهو مغامر شاب يهوى تسلق الجبال .. تلقي به المقادير في بلادهم .. ويلاحظ أن المساكن ألوانها فاقعة غير متناسقة وبلا نوافذ ! ثم يدرك أنه في بلد العميان ويتذكر مقولة ( الأعور يصبح ملكاً في بلد العميان ) فيظن أن بإمكانه أن يجد مكانه هنا لأنه الوحيد المبصر بينهم
ولكن حاول مراراً إقناعهم بأنهم عميان وبأن هناك نعمة تسمى البصر يفتقدونها لكنهم لم يصدقوه واعتبروه مجذوباً !!
حاول الفرار فلم يستطع أبداً واضطر للعوده إليهم بعد تعب وجوع ليقر بخطأه ويضع نفسه تحت تصرفهم
كانوا طيبين القلب وتقبلوا وجوده بينهم ببساطة .. وهنا يصادف المغامر فتاة من العميان كانو يعتبرونها قبيحه لان وجهها مدبب ولها أهداب طويلة مما يخالف فكرتهم عن الجمال ! بينما هو لانه مبصر استطاع أن يعرف أنها أجمل فتيات المدينة على الإطلاق
أحبها بصدق وتقدم لخطبتها .. فأسقط في يد أبوها هل يرضى بالمجذوب الذي هبط عليهم من غير موعد ؟؟!! أم يرفضه ويترك ابنته القبيحه - في رأيهم - بلا زواج ؟؟
طلب مشورة حكيم قريتهم .. فكان رد الحكيم بعد فحص الشاب بأن سبب جنونه هو عضوين مزعجين في وجهه أعلى أنفه ( يقصد العينان ) وأنه يجب استئصالهم ليعيش طبيعياً مثل باقي سكان القرية !!
يرفض (نيونز) بإصرار .. ويصف لحبيبته في محاولة يائسة كل المتع والجمال الذي يراهم بعينيه ولكنها تلمس يده برقة وتقول انها تحب خياله (!!) ولكن يجب أن يضحي إذا كان يحبها
وهنا تحت ضغط الحب يقبل الفتى مستسلماً الخضوع لعملية استئصال عينيه .. ليصبح مكفوفا آخر في بلاد المكفوفين !
ولكن حب الحياة ينتصر في آخر لحظة ويجرب للمرة الأخيرة الفرار من أرض العميان وهذه المرة ينجح :)
========================
عندما تصبح أنت العاقل الوحيد في زمن الجنون .. المتعلم الوحيد في زمن الجهل .. المبصر الوحيد في أرض العميان .. فإنك محكوم عليك بأن تشقى وأن يكيلوا إليك الإتهامات بالجنون والتهور والخيانه والعمالة والفلولية الخ الخ .. فإما تستسلم وتصبح مثلهم وإما عذاب أبدي مقيم
كم مرة أصرت عائلتك على أمر كنت ترى أنت وحدك أنه قرار خاطيء ولكنهم راحوا يتهمونك ويهينوك ثم اضطررت للصمت ليتبين لهم بعد حين صدق كلامك ؟؟
كم مره اصر شعبنا على قرار خاطيء كان بعض العقلاء يصرخون ليل نهار بانه الهلاك بعينه ولكنهم أصروا بجهل منقطع النظير على المضي قدماً نحو الهاوية ؟؟
كم مره عانى عالم أو مفكر من بطش دولة الطغيان ؟؟ ألم تعدم أوربا مكتشف كروية الأرض واتهمته بالهرطقة ؟؟
إن رواية " أرض العميان " تلقي بظلالها على كثير من الأحداث حولنا ..،، علنا نعتبر أو نتعظ
نسأل الله أن نكون من المبصرين أبدا :)
وأختم بقصيدة (إذا ) للأديب البريطاني (رديارد كبلنج)
إذا استطعت أن تحتفظ بعقلك
بينما كل من حولك قد فقدوا عقولهم
ويلومونك علي ذلك
إذا استطعت أن تثق بنفسك بينما الناس تشك فيك
وبرغم هذا تسمح لهم بأن يشكوا
إذا استطعت الانتظار فلا تتعب
فإذا ما خدعك الآخرون لا تلجأ للكذب
إذا كرهك الناس فلم تدع الكراهية تتغلب عليك
وبرغم هذا لا تبدو راضيا عن نفسك أو تتكلم بحكمة أكثر من اللازم
إذا استطعت التعامل مع الجماهير وبرغم هذا تحتفظ بفضائلك
وإذا مشيت مع الملوك وبرغم هذا لا تفقد فهمك للناس
إذا لم يستطع خصومك ولا أصدقاؤك أن يؤذوك
إذا كنت تهتم بالناس جميعا لكن لا تهتم بأحد أكثر من اللازم
فلك الأرض وكل ما فيها
وما هو أهم ستكون رجلا يا بني !
تحياتي