دومًا أرى المرأة ملكةً متوجة في بيتها، تديره وتتولى كل شئونه، تدفع زوجها أو أخيها لينجح في مكابدة العمل خارج المنزل، وتَربُت على أبيها المسن إذا احتاج إليها، وتتابع أبناءها لتضع فيهم القيم والأخلاقيات التي يصعب تغييرها عبر الزمن، وتخلق فيهم المفاهيم والأفكار التي ستظهر على سلوكياتهم بعد حين.
لكن، ومنذ وقت بعيد، وجدتهم يدفعون في اتجاه وجوب مساواة المرأة بالرجل، وضحكوا على المرأة بهذه الكلمة، "المساواة" وهي كلمة تدغدغ مشاعر أي إنسان حين تمررها عليه، كما لو كان في درجةٍ أدنى، ليسعد بمعناها الذي يعبر داخله عن الوصول إلى الأفضل، رغم أنها كانت مرفهةً ومعززةً ومصانة في مملكتها ببيتها، لكنهم أرادوا لها المكابدة في الحياة والتعب،
وهنا لابد وأن اؤكد بأن عالم الذكور -ممن ليسوا رجال- يوجد به مَن يهضم حقوق المرأة، زوجةً كانت أو ابنةً أو حتى أختًا وأمًّا، وبدلا من أن يأتي هؤلاء بحقوق تلك المرأة المهضومة عند البعض، بطرق يحفظون فيها كرامة المرأة ويحافظون فيها على راحتها، راحوا يشدُّونها خارج بيتها -دون توفير مقومات المساعدة في ذلك- تحت دعاوى حقوقها، فانتهكوا مكانتها وسُموّها وعزتها، وأصبحت تجري خلف "الاوتوبيسات" العامة وتنحشر في "الميكروباصات" بين الركاب، وينهرها مديرها في العمل فتخضع لأوامره كي يرضى،
وافتقدها بيتها الذي كانت تقوم على تهيئته للزوج -الذي كان وحده يشقى- فأصبح بالتالي ناقما عليها كثيرًا، لأنه يرى زميلته التي بالعمل أفضل منها -حيث لا يعرف عنها إلا مظهرها بالعمل- وبَعُد عنها أطفالها لأنهم لا يرونها إلا قليلًا.
وفي نفس الوقت، تقوم هذه المرأة وحدها بكل وظائفها الفسيولوجية الطبيعية دون أن يساعدها فيها أحد، فضلًا عن واجباتها المنزلية التي لا يتداخل معها الزوج فيها إلا يسيرًا.
لذلك، أرى أن الذي يجب أن ندعوا إليه، هو إعطاء المرأة حقوقها الواجبة، والتي تجعلها في مكانتها المناسبة لها، من راحة ونعيم وكرامة، وإذا عملت فيجب أن نوفر لها من الظروف المحيطة ما ييسر عليها العمل، بما يتناسب مع كونها امرأة وليس مثلما يعمل الرجال، بحيث تعمل المرأة دون معاناة في الانتقال أو في بيئة العمل، كذلك يكون حينها على الزوج اقتسام مهام البيت معها كمشاركة حياتية.
مسكينة هي تلك المرأة، التي صدّقت بأنهم يريدون مساواتها بالرجل، حتى أنزلوها إلى مستوى شقاء الرجل، تحت عناوين المساواة به، رغم أنها كانت أرفع منه وأفضل، راحةً ونعيمًا.