المرأة السوية، عملٌ صالحٌ، وقلبٌ حي، نذره أبويها لله، وقدماه بين يدي الإنسانية؛ ليبني، ويؤثر، ويحب، ويعرف الحق ويقبله، والباطل يزهقه ويدمغه؛ فصارت جنة الله في أرضه، وفوز أهلها، وزوجها، وأولادها، وكل من يعرفها في معركة الحياة؛ فالحياة كالسفينة، ربانها وفارسها هو الرجل بقوامته وحكمته، والمرأة بإيمانها، ورحمتها، ومحبتها، وإحسانها، ووعيها، وثقافتها النابعة من الحياة ثم العلم هي (وقودها)، والذي بدونه لن تهتدي سفينة حياتهم إلى مرسى النجاة، وإن وصلت كان وصولها هشًا بلا روح أو معنى.
وأول ما ينبغي أن تتعلمه أي امرأة وترشف من معينه هو تعاليم أمور دينها؛ فديننا وقرآننا إعجاز؛ فقد شمل كل تفصيلة وكل مثقال ذرة من تفاصيل الحياة، وذاك هو أصل (الثقافة) وعمادها؛ فامرأة قد حيزت لها الدنيا وأتتها وهي راغبة، وأغرقتها الحياة بشتى صنوف الترف من مال، وجمال، وجاه، وثقافة و... ولم يتوج كل ذلك بالإيمان المصدق بالقول والعمل، لجثا كل هذا النعيم أمام أزمة واحدة من صروف الدهر وقهر القلب وباقي الجوارح، على العكس إن امتلكت المرأة إيمانًا صادقًا فقط ولم يكن لها إلا روحها؛ لأخضعت كل بلايا الحياة بقوة إيمانها، وأنجبت الحياة من قلبها ثقافة كالدر الكامن في أحشاء البحر، ومدادًا من يقرأه يقسم أن صاحبته قد ألمت بكل علوم النفس والحياة.
الدنيا دار ابتلاء وتمحيص، يطرأ على الحياة الزوجية ما يزلزل القلوب والأقدام وربما يسدل عليها ستار النهاية، ولن تقوم لها قيامة أبدًا إلا بقلوبٍ صُقِلت بالإيمان، وفهمت طبيعة النفس البشرية ومثالبها وميزاتها، وأدركت الهدف من رسالتها، وأنفقت كل ما بوسعها لإقامتها كما أراد لها ربها.
وينبغي على المرأة أن تسعى إلى ثقافة قلبها، وروحها، وعقلها ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا، وإن يُسر لها أن تتعلم أي شيئ نافع، فلتتعلم وتجاهد لأجل ذلك، فكله يعود عليها وأسرتها بالنفع، أما المرأة كسيدة منزل تدير شئونه جميعها فذاك أمر مفروغ منه؛ لأن ذلك بالأساس فطرتها التي جُبِلت عليها، ومال قلبها إليها، وسعت منذ صغرها باكتسابها من أمها وقدوتها التي غرست فيها ذلك منذ الصغر.