هنا على خط التردد يحسم (العقاد) حيرة امرأه، جنّ عليها ليل الفكر، وألقى بها في متاهاته، تهاجمها ألسنة النقص بتراهات يسيل من أشداقها الزبد بجنون وحمق؛ فيقبض على عقلها الجامح بمبضعه، لتتوهج معانيها الخامدة تحت ران التمرد والعناد.
فإذا نجح كيدها العظيم في تحرير ضعفها العظيم ـ الذي هو طبيعتها ـ من أسر العشى الذي غبش بصيرتها، وحلق بضبابه حول حواف عينيها؛ زال عنها الشرود، وأيقنت أنها قد أمسكت بسر قوتها الكامنة في غاية ضعفها، وأن ميزان العدل لن تقام له قائمة، ولن يستقيم له صراط إلا بوضع كل شئ في موضعه الصحيح من الطبيعة، والفطرة المجبول عليها وليس بمعاندتها، وركوب أمواج الحيرة التي تأبى أن تمنحها ولو سِنة من الراحة، بل تصعد بداخلها إلى ذروة القلق وتخنقها بدخانه المستطير، وكأنها تستمتع بإرهاق روحها العالقة بين فكرها المتمرد على طبيعتها، وضعفها المخذول في كنف وساوسها العقيمة.
يقول الله تعالى:
(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)
فحق القوامة مستمد من ذلك التفوق الطبيعي الذي منحه الله للرجل، من قدرة على النهوض بأعباء المجتمع، والإنفاق على أسرته، وتحمل كبد ومشقة وعناء الحياة، وتدبير معيشتها، وتوفير أسباب الراحة والأمان والوقت الذي يعينها على تربية أبنائها، ولو كانت تضاهيه في القدرة العقلية والجسدية؛ لأنها تنصرف عن هذا قسرا في فترة الحمل والرضاعة.
ماذا إذا تربعت على عرش عزتها، وازادنت بضعفها الذي هو منتهى قوتها، وارتكزت على اعوجاجها الذي فيه كمالها، واكتمالها، وزينتها، واستناد الآخر إليها واكتماله بذاك النقص الذي تتخيله، وهذا الإعوجاج المكمل له هو
فبدونها في حياة رجلها كما هي؛ يسكن قلبه الخواء، ويتردد الجمود على جدرانه، يصبح قبرًا مظلمًا يعج بالأشباح
فالمرأة أفاض الله عليها بزاد من الرحمة والعطف والحنان والرفق؛ لتنفقه حبًا وكرامة في احتواء أسرتها وأطفالها، والسهر على راحتهم، وإحياء مواقد الدفء في البيت، وبث روح الطمأنينة والسكينة في نفوسهم، لا أن تُولي ظهرها لفطرتها ونعم ربها عليها.