إنه صوت المشاعر, حين تتدفق على اللسان, لتنساب ماءً جارياً, يروي النفوس الظمأى, يحرثها ويلقي فيها بذور النرجس, يخطط ويشق ويبني أحواضاً وينسق فإذا بورود وأشجار وحدائق غناء, وصوت عصافير, ومياه جارية, وعبير وشذا يملأ السماء أريجا تتفتح له العيون والقلوب, تسرد قصصا وتتسع الأحداق لأرض فسيحة, تتشابك أغصانها, ونظر يخلب العقول, ويوقظ النفوس, إنه الشعر حين يرقى بها, ويعزف على أوتارها, إنه يخوض صراع من أجل أن يُذًكر الإنسان دائما أن له قلب, أن مشاعر قائمة هناك في نفوس بشرية, لا بد من النظر إليها لا بد من مراعاة ما بداخلها حتى لا ينسى, فيفقد الإنسان جزء منه في زحمة مطالب الجسد, إن كل قصيدة إنما هي رحلة إلى عالم الملكوت إلى عالم الروح, إنها تشحذ الروح تنشط أغوار النفس, تغسل وتنظف رواسب قد تجتمع بعضها فوق بعض, فتمحي أثرها مع مرور الأيام, فكل قصيدة هي إعادة ترتيب أو صياغة أو تذكير بحقيقة الإنسان, بأن هناك جانب لا بد من تجليته, فالقصائد هي أوتار تدق في النفوس ألحان, تعزف وتشق إلى عالم الأحاسيس طريقها ...
.....فالشعر هو ذلك الطبيب الذي يعالج النفوس الصدأه, النفوس التي تراكم عليها تراب, محى ملامح الجمال, وأخفاه تحت ذراته, الشعر هو الصوت المسموع, الذي يتدفق ليخرج لنا ثمار الجمال, من عمق النفوس فيحيها, وتزهر الورود وثمار الزيتون.