في آية واحدة أجمل القرآن الكريم وظيفة القائمين على تعليم الناس أمور دينهم والذين هم ورثة النبيين ، وذلك في قوله تعالى " ماكان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلون الكتاب وبما كنتم تدرسون"
أيها السادة الدعاة :
" كونوا ربانيين" يعني رحماء بالخلق لامتسلطين عليهم بأحكام ليست إليكم ، فدخول الجنة والنجاة من النار ليس لكم ولالأحد من الخلق حتى ولو كان نبيا مرسلا.
" كونوا ربانيين " يعني مصادر للرفق والتيسير حتى بمارس الناس دينهم وهم سعداء مبتهجون بحياتهم .
" كونوا ربانيين " يعني أهل سمو ورقي فيتعلم الناس منكم كيف ينصرفون إلى بناء أنفسهم من الداخل غير مكتفين بمظاهر خادعة على بواطن خربة لاحظ لها من دين أو خلق .
" كونوا ربانيين " يعني إيجابيين في حياة الناس فيتعلمون منكم كيف يتناغمون مع الأكوان والإنسان داخل منظومة الأكوان ، فيعمرون ويبنون ويتحاورون ويتعارفون .
ومن المهم أن نعي جميعا أن حاجة الشباب اليوم إلى التربية والتزكية من قبل أهل الاقتداء في الناس ، أكبر بكثير من حاجتهم إلى أهل الفقه الفروعي بآرائه وتشعباته وأقواله …. ماللناس وهذا التشتت !!! فأحكام الطهارة مثلا حين تنقل للناس بهذا التفريع الطويل ربما يتركون الصلاة شكا في أنه لن تتم لهم طهارة وإن مكثوا عاكفين على نهر جار .
انتبهوا أيها السادة : فالأعرابي كان يأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم من البادية الجدباء لايعرف غير الناقة والصحراء ، ثم يجلس إليه خمس دقائق ينقلب إثرها إلى قومه ، وقد تزكت نفسه وسما خلقه وعلت همته وصفت سرينه .
وكان هناك من جيل الصحابة رضوان الله عليهم أهل الصفق في الاسواق المنصرفون إلى بيعهم وشرائهم طوال يومهم ، فإذا ما انقلبوا إلى منازلهم ليلا تعلموا من أصحابهم في دقائق معدودات ماهبط على النبي صلى الله عليه وسلم من وحي وماأمضاه من سنة طوال فترة تغيبهم عن مجلسه الشريف صلى الله عليه وسلم .
دين الله ياسادة سهل يسير ، أخبروني لماذا تعقد إلى هذه الدرجة !!!! وهل الحياة الأن تتسع لذلك ؟