يكفيك إذا أردت تكون أستاذا ملء السمع والبصر في أي تخصص تشاؤه ، أن تتأهل التأهيل العلمي الكافي مع يقظة العقل والخبرة اللازمة .
أما إذا أردت أن تكون أستاذا في علوم الشريعة فلابد أن تحوي إلى جوار ذلك قلبا نيرا دائم الاتصال بربه مجلوا بذكره على الدوام ، وإلا فسيمر كلامك عبر آذان الناس إلى الأخرى ، دون أن يمس شيئا من مشاعرهم ، فضلا عن أن ينفذ إلى قلوبهم .
فالذي يجلس إلى أستاذ ليفهم عنه نظرية من النظريات الرياضية مثلا لايعنيه في شيء إن كان قلب هذا الأستاذ حاضرا وهو يشرح له مايريد معرفته أم لا، إنه يبتغي عقله وخبرته ليس إلا .
أما من يحاول أن يفسر نصا قرآنيا أو يستنبط حكما فقهيا أو يدعو إلى الله على بصيرة ، فهذا إنسان يحاول أن يفهم عن الله مراده ويبلغه للخلق، وهذا يستلزم أن يعيش حالة من التطهر القلبي ، حتى يكون أهلا لفتح سماوي علوي ينير له دروب الفهم عن ربه ، فكأنه يتلقى عنه جل وعلا ، فإذا ماتكلم تجلل كلامه النور فتقشعر من حديثه قلوب الدين يخشون ربهم ، وهو ماأطلق سيدنا على رضى الله عنها " وحيا " من باب التوسع ، وذلك حين سئل " هل عندكم شيء من الوحي لم تبلغوه ؟ قال : لا إلا فهما آتاه الله رجلا في القرآن .
ومن هنا أنزل ابن القيم رحمه الله المفتي أو المجتهد في علوم الشريعة منزلة الموقع عن الله حين سمى كتابه " إعلام الموقعين عن رب العالمين "
مهمة شاقة ولكنها جليلة!!إنها خلافة النبيين ، فاللهم ارزقنا هذه المنزلة ولاتنزعها عنا بذنوبنا . آمين آمين آمين يارب العالمين .