التبجح بنشر الفضائح الخاصة والعلاقات غير النظيفة على صفحات التواصل الاجتماعي باتت ظاهرة مؤرقة ، فالأصل في الإنسان السوي هو أن يسعى جاهدا لستر نفسه وقبائحه ، بل وخصوصياته بشكل عام . أما أن نرى هذا الذي يحدث من حرص بعض المشاهير على نشر فضائحهم وعلاقاتهم غير النظيفة ، بل والترويج لها ببذل الأموال فهذا يؤكد على أننا امام انحرافات خلقية وصلت إلى حد التسفل ، وأن الهوس بالشهرة بات مرضا نفسيا يستوجب العلاج .
لقد حجر هؤلاء على أنفسهم واسعا من رحمة الله تعالى بهم ، فلا يزال صاحب المعصية في فسحة من دينه مادام مستترا غير مجاهر ، أما إذا جاهر فهو كما قال صلى الله عليه وسلم " كل أمتى معافى إلا المجاهرين "
لأن المجاهرة بالمعصية فيها تبجح ووقاحة وسوء أدب مع الله ومع الناس ، كما أنها سبيل كبير من سبل نشر الفحش والترويج للرزيلة وإماتة خلق الحياء " ولايكون الحياء في شيء إلا زانه ولاينزع من شيء إلا شانه " كما قال صلى الله عليه وسلم .
وقد كان السلف الصالح يحرصون على الستر على أنفسهم حتى فيما يفعلونه من صنائع المعروف ، لأن التشوف إلى ثناء الخلق في أدبياتهم مما ينقص كثيرا من تمام الأجر، ثم إنه دليل على عدم صدق العبد في عبوديته لرب العالمين .
ودعوني أسوق لكم هذه الحكمة العطائية :
………………………………………………
يقول ابن عطاء الله " استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم صدقك في عبوديتك ، غيب نظر الخلق اليك بنظر الحق اليك ، وغب عن وجود إقبالهم عليك بشهود إقباله عليك "
الله الله الله على هذا الكلام الذي كأنه ينبع من مشكاة النبوة . …..
وحقيقة البون شاسع بين مايتحدث عنه ابن عطاء الله ، وماينشره علينا هؤلاء المتبجحين بمعاصيهم وفضائحهم .