الجواب :
نعم يجوز لحديث ابن عباس رضي الله عنه " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولامطر ، قالوا : ماذا أراد بذلك ، قال : أراد أن لايحرج أمته " رواه مسلم
ولكن هذا الحديث يجب أن يفهم في ضوء قوله تعالى " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا "
فالأصل هو أداء الصلاة في وقتها المحدد ولايجوز تأخيرها عن وقتها ولاجمع صلاة على أخرى إلا إذا وجد العذر المبيح للجمع من مرض أوسفر أو خوف أو مطر شديد ، وهناك كذلك الجمع بسبب النسك في الحج كما هو معلوم .
أما هذا الحديث فقد أجاز ظاهره الجمع بين الصلاتين دون عذر من هذه الأعذار ، وذلك لأنه قد توجد حاجات أخرى غير هذه يتعذر معها أداء الصلاة في وقتها أو يشق ، فنفيا للحرج عن المسلم جاء حديث ابن عباس يبيح الجمع حينئذ متى وجدت المشقة ،
فقول ابن عباس رضي الله عنه " أراد أن لايحرج أمته " يدل على أن الأصل هو أداء الصلاة في وقتها المحدد لها شرعا ، إلا إذا وقع المسلم في حرج ،هاهنا يباح له الجمع .
مثال ذلك : الطبيب الذي يقوم بإجراء عملية جراحية متصلة لساعات ولايمكنه أداء الصلاة في وقتها ، لما يترتب على ذلك من ضرر بمريضه ، ومثله الجندي في المعركة حين لايمكنه التخلي عن موقعه لأداء الصلاة تأدية لواجبه القتالي أو الدفاعي أو في الحراسة ونحوها ،
ومثلهما من يقوم على راحة مريض حين لايمكنه تركه لاداء الصلاة دون ضرر يترتب على ذلك .
والخلاصة : أن هذا الحديث رخصة في حق كل من يستشعر حرجا في أداء الصلاة في وقتها المحدد شرعا ، وليس رخصة مفتوحة للجمع بين الصلاتين دون عذر .
وأضاف بعض الفقهاء شرطا مهما ينبغي الوعي به ، وهو أن الجمع مباح من غير خوف ولامطر ونحوهما بشرط أن لا يتخذ عادة ، قالوا : لأن تكاليف الشريعة لاتخلو من المشاق المعتادة التي تقع تحت مقدور المكلف ، وهو المراد في قوله تعالى " وماجعل عليكم في الدين من حرج "
يعني : مما هو خارج عن مقدوركم ، أما مايقع تحت المقدور من المشاق ، فلا يعد مبيحا لسقوط تكليف شرعي أو الخروج به عن وقته .