المنافق :
ببساطة هو شخص حقود في صورة صديق مقرب ، وهذه هي المعضلة .
فالمنافق في حقيقته إنسان بغيض النفس والقلب ، قد يجاورك في بيتك أو يعايشك في عملك ، وقد تكاشفه في خصوصياتك تظنه وليا حميما ، فإذا به فجأة يحاربك بما كاشفته به ، أو يظل على مهادنتك وإظهار وده لك لمصالح تأتيه عبرك .
وليس من قبيل المصادفة أن نجد نحوا من أربع عشرة آية في مطلع سورة البقرة - التي هي أول سو ة في ترتيب المصحف بعد الفاتحة - تعنى بوصف المنافقين وماتنطوي عليه سرائرهم من خبث ومخادعة ، في بعضها استخدم القرآن الكريم التشبيه التمثيلي كأداة باهرة من أدوات تجسيد المعنى ، بدءا من قوله تعالى " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا …" إلى قوله تعالى " ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير "
ومعلوم أن التشبيه التمثيلي هو أبلغ صور التشبيه ، حيث تنتقل معه الجملة التعبيرية من عالم الكلمات إلى عالم الصور الحية المتتابعة اللقطات والمشاهد ، فكأنك أمام مشهد تمثيلي له بداية ونهاية مزدحم بالأحداث والشخوص والدراما ، حتى تتجسد صورة أهل النفاق ماثلة في مرآة أعين المتلقين ، وهو أبلغ تعبير يستخدم في إيصال المعنى من المتكلم إلى المتلقي ترغيبا أو ترهيبا.
هذا إلى جانب مواضع أخرى متعددة من سور القرآن الكريم ، عني فيها القرآن الكريم بذكر المنافقين وسرد صفاتهم للتنفير منهم ، كسورة التوبة مثلا في قول الله تعالى " المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون "
ثم تأتي سورة كاملة تسمى سورة " المنافقون " ، تحذر من الاغترار بمعسول كلامهم ، وماتنطوي عليه نفوسهم من سوء طوية وبغضاء .
ثم إن الله سبحانه وتعالى يتوعد المنافقين في عدد من آيات القرآن الكريم بأقسى درجات التوعد في الآخرة ، يكفي أن نذكر منها قوله تعالى " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصير ا "
والحقيقة أن المنافق دائما يفضحه لسانه " ولتعرفنهم في لحن القول " وله علامات يعرف بها بينها صلى الله عليه وسلم في قوله " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان "
المشكلة أننا كثيرا مانهوى الكلام المعسول إرضاء لغرورنا وكبريائنا وإن فاحت منه رائحة الكذب والتلون ، وكثيرا ما نصدق الآذان لا القلوب ، فنخدع بمحض إرادتنا بالمنافقين ونواليهم ونصافيهم ثم تكون الكارثة .