أحيانًا لا يكون الانسحاب ضعفًا، بل خلاصًا مؤلمًا.
الانسحاب الصامت تحديدًا، هو لحظة يختار فيها الإنسان أن يحمي ما تبقّى منه، بعد أن استنزفته علاقة دخلها بكل طاقته، وخرج منها مكسورًا، لكنه أكثر وعيًا.
هو ليس انسحابًا عاديًا، بل انسحاب جندي أنهكته المعركة. دخلها مؤمنًا أن الحب سلاح يكفي، وأن النية الطيبة قادرة على ترميم كل شقوق الألم. لكنه اكتشف أن بعض المعارك لا تُكسب، مهما كانت النية نقية.
الانسحاب الصامت موجع لأنه بلا كلمات، بلا وداع، بلا شرح.
هو قرار يتخذه القلب بعد ليالٍ طويلة من الصراع بين "أكمّل ولا أسيب؟"، بين الأمل والخذلان، بين ما يستحق البقاء وما يستنزف الروح.
يخرج الإنسان من العلاقة خالي الوفاض، إلا من جراح لا تُرى، وثقة مهزوزة، وذاكرة مثقلة بتفاصيل كان يتمنى نسيانها.
لكنه في العمق… يخرج أكثر نضجًا.
يتعلم أن السلام أهم من الانتصار، وأن الرحيل أحيانًا أكرم من البقاء في ساحة حرب بلا معنى.
الانسحاب الصامت لا يعني أنك فشلت، بل أنك فهمت متى تتوقف عن القتال من أجل من لا يقاتل معك.
ففي النهاية، هناك معارك لا تُربح إلا بالانسحاب.
كن لطيفًا مع نفسك، فالصمت أحيانًا ليس هروبًا… بل طريقك الأصدق نحو السلام.