من السهل أن تستعد لخصومة عدوٍّ تعرف نواياه، لكن الأصعب أن تستوعب خيبة صديقٍ كنت تظنّه سندك. فالعدو يواجهك بوضوح، أما الصديق حين يخون أو يتخلى، فإن الطعنة تأتي من أقرب مكان إلى قلبك.
تجارب الحياة تعلمنا أن الثقة لا تُمنح كاملة منذ اللحظة الأولى، وأن الحذر ليس ضعفًا بل وعيًا يحفظنا من الخسارات المتكررة. ليس المطلوب أن نعيش في عزلة أو شك دائم، ولكن أن نُحسن التوازن: نعطي الثقة بالتدريج، ونحتفظ بجزء من مساحتنا الداخلية لأنفسنا.
الصديق الحقيقي يثبت حضوره حين تختبره المواقف الصعبة، أما الزائف فيتكشّف سريعًا عندما تُغلق الأبواب ويُطلب الموقف لا الكلمات. ومن هنا، فالزمن وحده كفيل بكشف المعادن، والوعي هو ما يجعلنا نفرّق بين العلاقة التي تُبنى على الوفاء، وتلك التي تتهاوى مع أول اختبار.
في النهاية، لسنا بحاجة إلى أن نعامل الجميع كأعداء، ولا أن نفتح قلوبنا بلا حساب. إنما نحتاج إلى بصيرةٍ هادئة تجعلنا نُحسن الاختيار، ونمنح مكانتنا الحقيقية لمن يستحقها فقط.