الإنسان ليس كيانًا واحدًا، بل فسيفساء من طبقات وظلال وصور متناقضة. في داخلنا نسخة مطمئنة وأخرى قَلِقة، نسخة حنونة وأخرى قاسية، نسخ تتناوب الحضور وفق اللحظة والسياق. نحن لا نُعرّف أنفسنا فقط بما نظهره، بل بما ينجح الآخرون في استدعائه منّا.
العلاقة الحقيقية ليست تلك التي تبحث عن "أفضل نسخة جاهزة"، بل تلك التي تملك القدرة على إيقاظها. أن تجد من يصغي إلى صمتك قبل كلامك، من يتقن اختيار لحظة الخلاف كما يتقن اختيار لحظة العفو، من يحترم هشاشتك بدلًا من استغلالها.
"العلاقة التي تستحق أن تُعاش هي تلك التي توقظ أجمل ما فينا، لا أكثر ما يؤلمنا."
فالعيوب، بطبيعتها، ليست متساوية الأثر. ثمة عيب يُحتمل لأنه لا يهدّد الجوهر، وثمة عيب آخر يحوّل الحياة إلى عبء خانق. القبول لا يعني إنكار العيوب، بل إدراك أيها يُمكن التعايش معه، وأيها يقوّض أسس العلاقة من جذورها.
الحب، إذن، ليس لقاء بين شخصين بقدر ما هو لقاء بين نسخ متعددة من ذواتنا. من ينجح في فتح مفاتيحك، هو من يحررك من أثقالك ويمنحك مساحة لأن تكون أكثر انسجامًا مع ذاتك.
الحياة، في النهاية، ليست اختبارًا في الكمال. إنها رحلة مثقلة بالأسئلة والمقاومات. وما يجعلها أخفّ هو أن نعيشها مع أولئك الذين يضيئون داخلنا النسخة الأجمل، لا النسخة الأكثر جرحًا.
فمن حولك اليوم، أي النسخ يوقظ فيك؟